مِن شَذا الأَندَلُس!
مُورِيس وَدِيع النَجَّار
حَبَّذا يَدعُو الحَبِيبْ فَأُوافِي
نَزرَعُ العُمرَ الكَئِيبْ بِالقَوافِي
ونَهِيمْ
نَقطَعُ الأَرضَ وَلا نَستَقِرّْ
مُرُّهُ العَيشُ حَلا إِذْ نَمُرّْ
لا نُقِيمْ
كُلُّ ما نَبنِي هُنا لَيسَ باقِ
تِلكَ أَضْغاثُ مُنَى، في المآقِي
لا تَدُومْ
هاتِ لِي الكَأسَ، وَعَنْ شَفَتَيَّا
أُرْشُفِ الحُبَّ وَمِنْ راحَتَيَّا
خُذْ نَعِيمْ
***
نَحنُ في الأَرضِ على إِنتِظارْ
وَعَلى الأُفْقِ عَلا، في الغُبارْ
صَوتُ داعِ:
دَمعُكُم صِنْوُ الغِناءْ، وَالبَلا
يَجعَلُ الكُلَّ سَواءْ، والفَلا
كَالمَراعِي
ذَلَّلِ الدَّهْرَ بِما في الخَيالِ
أَنْتَهُ حُلْمُ السَّما بِالجَمالِ
أَنتَ راعِي
فَقُدِ القُطعانَ في خَيْر وادِ
وَحدَهُ الحُلْمُ يَفِي لِلمَعادِ
في الضَّياعْ
***
لَيتُ يُخفِينا لِدَهرْ سِحْرُ جِنِّ
زادُنا خَمْرٌ وجَمرْ، وَلْنُغَنِّ
لِلرِّياحْ
نَحنُ، والحُبُّ لَدَينا، كَالزَّنابِقْ
قِبْلَةٌ يَرْنُو إِلَينا كُلُّ عاشِقْ
لِلمِلاحْ
تَزأَرُ الرِّيحُ الغَضُوبْ لا نُبالِي
شَوقُنا مِلْءُ القُلُوب، واللَّيالِي
كَأسُ راحْ
***
لَيتَ لِي قَبلَ المَغِيبْ، في تَأَنِّ
أَنْ يُوافِينِي الحَبِيبْ وَنُغَنِّ
كَالطُّيُورْ
نَملَأُ الدُّنيا نَسِيمْ، مِنْ هَوانا
وَمَدَى الأُفْقِ شَمِيمْ، مِنْ شًذانا
كَالبَخُورْ
أَنتَ لِي قَبلَ وُجُودِي، أَنتَ مِنِّي
أَنتَ أَشعارِي وعُودِي، أَنتَ دَنِّي
والعَبِيرْ
***
أَينَها خُضْرُ الرُّبَى؟! هَلْ نَعُودْ؟!
أَينَ واحاتُ الصِّبا، والعُهُودْ؟!
يا زَمانْ
كُنتَ لِي الحُلْمَ الحَبِيبْ، ثُمَّ راحْ
وَجَفا القَلبَ الوَجِيبْ، والصُّداحْ
فَاستَكانْ
بَعدَنا الحُبُّ تُراهْ سَيُغَنِّي؟!
نَحنُ مَنْ كُنَّا رُؤَاهْ، والتَّمَنِّي
والرِّهانْ
لَيتَ، يَومَ العُمرُ هَلّْ لِلِقانا
قَد زَرَعنا الأَرضَ فُلّْ مِنْ هَوانا
لَيتَ كانْ!
