مصلوب على خشبة النسيان
وفيق غريزي
أنت تعيش جانبي مثلي
كحجارة صماء
في عيون ليلنا الرمداء
ايها القدر المحبوب
تتنقل من كيان الى كيان
لا تستقر في مكان
لن تشعر بالإعياء
نحن الحجارة
تتقاذفنا الأنواء
أكثر تكويرا
أكثر اغترابا.
***
يا هذه العيون الذابلة
مثلنا تتوه
حينا بفرح وحينا بذهول
تنظر فترانا ورودا يباس
شفاه اللبلاب مصلوبة على جدار
جذور الاشجار تزعزع الاركان
الطحلب الفتي تهتز له الاحجار
استيقظ ومعي تستيقظ الأطيار
نحلق فوق المدار .
***
نقف في هذا المكان
اسطورة “كان ياما كان”
ننتظر ولادة الكائن الانسان
الذي نسي الأشياء والأسماء
لن يجري مع مياهها الأنهار
يقف وقد شيّد بينه
وبين العالم الأسوار
شرس، عاري الجسد
مغطى بالأوراق وبالدخان
عيونه تقدح “شرار”
تحت حواجب من نار
دموعها دماء وبخار .
***
النجمة العمياء ترفرف مع الأطيار
تذوب في الأهداب
تذوب في لهيب حار
تصعد مدارج الكون
والموتى يتبرعمون،
يصيرون شوكا
على اجنحة الغربان
ليل الحناجر جاء من بعيد
الآن
مصلوبا ابدا على خشبة النسيان .
***
غير المرئي
يبدو كأنه منهار
يتلون بالأفكار
مغطى بحروف كأنها ابكار
رغم تعرضي للرشق بالأحجار
نضجت على شجرتي الرؤى والأشعار
اغصانها مثقلة بالأثمار
اتكلم لا افصل بين النعم واللا
اترع حكمتي بالمعاني
احوك لها اثوابا و”ظلال” .
***
يقطفون اعناب العيون
يخزنون في الجرار والخوابي
عصارات الكروم
يدخلون عالم الجنون…
الجدار الذي استندوا اليه
حجارته من مقالع الظنون
يعصرون الزمن كما يعصرون
تفاح الجفون…
قبر الشمس سحر وفتون
السواعد تتربص بالسماء
الأرواح النقية تحاصرها الدهماء
تبحر بقارب من خشب الغابات
من جزيرة سكانها قطعان نعاج
أو بعضهم اموات .
***
يجذّف البحارة والأحرار
اسياد الأرض ومروضو البحار
ترسو قربهم عوامة
بلا قائد أو ربان
عليهم تنبح الأنهار
بزرقة السماء
ايتها الأصوات الآتية
من كهوف الذل والظلام
عبر طريق النار
تعالي الينا خافضة الجبين
من كان وحيدا
في حضن الصباح
يمضي وقته في الرسم
وفي قراءة الأسفار…
