فيليب مسلم… قلم نهضوي نثر بذوره في ثرى فلسطين

Views: 653

حليم رزوق

يثير فينا ” طوفان الأقصى ” مشاعر شتى ، فبين الاعتزاز ببطولات شعبنا في غزة وفي فلسطين عموما الى الغضب الذي يتأجج على عصابات الاجرام في الكيان المتوحش الذي ليس فيه اي حس إنساني،  ومثله الغضب على عالم عربي صامت صمت القبور، الى غضب على  عالم يدعي ألدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان وهو يمارس أبشع انواع الظلم بدعم المعتدي والمحتل، الى الشعور بالحزن على شعب اَمن يباد واطفال جعل المحتل المجرم  من أرض غزة الابية مقبرة لهم .

وفي هذا الوقت بالذات نحب ان نتذكر ، وتتذكرون معنا بعض الاقلام النهضوية من بلادي التي أحبت فلسطين حبا فاق كل وصف الى درجة استلهمت فيها أرضها  وثراها الخصيب وأهلها الطيبين وإبطالها المناضلين لترويها في قالب قصصي ممتع وجميل .

من هذه الأقلام قلم منتسب ولادة الى جديدة مرجعيون، ومنتم فكرا  الى نهضة قومية اجتماعية، ومتجذر عاطفة وشعورا في أرض فلسطين الحبيبة. انه الأديب والشاعر والقاص فيليب مسلم .

واني ، وفاءً  لوعد قطعته على نفسي ، اود ان اميط اللثام عن هذا الأديب المنسي والذي يجهله الجيل الجديد من شباب بلادي. وأولى الاسهامات في اماطة اللثام عن هذا الإرث المجهول ما قلته في مناسبة رحيله .

ها هنا الكلمة التي القيتها في القداس الذي جرى على نية خالي الامين الراحل الأديب فيليب مسلم في الكنيسة الانجيلية في زقاق البلاط بتاريخ 12 ايار  2007:

بين ” حفنة الغيم” التي سقت ارضنا العطشى الكثير من قصص الحب والنضال فوق بطاح الارض السليب الى ” الهزيع الاخير” من  ليلنا الذي لا ينتهي ونحن ننتظر فجرنا الاَتي على أكف المقاومين الذين يزرعون الارض حباً وعطاء، الى  “هتاف الدرب ” وقد زرعنا دروبنا كلها هتافات لتحيا بلادنا حياة العز ، الى ” ثرى وبذور” ، ويا لذاك الثرى تشقه البذور ، وهو كتابه الاخير في المرحلة الأولى قبل الغربة القسرية، الى كتب اخرى ومخطوطات من مرحلة الاغتراب ، كلها نتف من قلب أديب وشاعر من بلادي اسمه فيليب مسلم ، وقد تطايرت هذه النتف شظايا بين البرازيل ولبنان حيث كان دائم الحنين للعودة والاستقرار .

فيليب مسلم ظلم في حياته كثيرا لأن طموحه الفكري والوطني لم يجد البيئة المناسبة لينفلت من عقاله اكثر ويثري  مكتبتنا العربية بالفرائد والروائع وهو القادر والمتمكن ، بدليل ان ما نشر من مؤلفاته كما المخطوطات التي تنتظر تشير الى مدى الإبداع والفرادة عنده ، بالإضافة إلى مخزونه الثقافي والحضاري الذي كانت تفيض به احاديثه التي كانت تعكس الى حد بعيد روحه الشابة ابدا المتوثبة دائما ، فكأن النضال والعطاء امران لا يقررهما العمر وإنما تقررهما المعرفة وارادة الحياة ، لأن المعرفة قوة في حد ذاتها .

ان من حق فيليب مسلم علينا،  نحن عائلته الصغرى ، كما عائلته الكبرى في هذا الوطن الذي ابتلي بالنكبات والكبوات والخذلان، اقول من حق فيليب مسلم علينا بعد رحيله هو ان نعمل للاضاءة على سيرته وادبه وفكره ونعرّف به، فللاجيال الجديدة من امتي الحق بأن تتعرف الى احد رموز نهضتها الأدبية والفكرية التي شعت وانارت الطريق ولا تزال .

اننا اذ نودع فيليب مسلم،  فإنما نودع قلما انغمس في مداد القلب وفكرا غرف من أحلام واَمال الناس في بلادي وقلبا احب الناس فاحبوه ، وانسانا كان دائم الحنين للعودة الى مراتع الطفولة والشباب ولقيا الاهل والأصحاب.

فيا ايها الخال الحبيب ، للقياك طعم الحلم المولود من رحم الحقيقة وطعم الحقيقة التي يكملها الحلم ولا ينقضها ، ولطلاتك علينا كل صباح او مساء طعم السماء وقد اجتمعت فيها ” حفنة غيم” فهطلت بردا وسلام. وان لفقدك في القلب حسرتان، حسرة رحيلك وقبلها حسرة غربتك التي اوجعتنا قبل يوجعنا الرحيل.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *