“مطعم فيصل” لإيمان عبدالله… سيرة مكان وتاريخ من الجامعة الأميركية ورأس بيروت

Views: 527

سليمان بختي

عندما قرأت كتاب مطعم فيصل( عن دار نلسن في 200 صفحة) لأول مرة كدت لا أصدق أن الكاتبة تحاول من كل قلبها ان تعيد زمن مطعم فيصل واجواءه الى الحاضر الراهن.

هناك صور ووثائق وأرشيف غني .

كل ااتفاصيل:  الشارع والوجوه والأحداث والأحاديث وزمن الأحلام والبيئة المحيطة بالجامعة الأميركية والتي تكاد تتفوق عليها وكأنها الرد الثقافي والاجتماعي لرأس بيروت على ما اعطته الجامعة. لذلك رحنا نقول بل الجامعة الأميركية مقابل مطعم فيصل.

معه حق الصحافي الكبير سمير عطاالله حين قال في تقديمه للكتاب “انه ملتقى للأفكار والتيارات السياسية التي اما يحملها العرب  من بيروت إلى اوطانهم او من اوطانهم الى بيروت حيث انفتاح المنابر وسماع الأفكار”.

هذه الحكايات واللطائف والطرائف والمشاهد التي جمعتها ايمان عبدالله في هذا الكتاب كانت جزءا من حياة جميلة عظيمة نغبط كل من عاشها ولمس متعتها وأهلها. نغبط كل من عاشها في حرم الجامعة وفي زواريب ومقاهي راس بيروت ومكتباتها.

كان المؤرخ كمال الصليبي يردد أن رأس بيروت هي رئة بيروت مثلما بيروت هي رئة لبنان والعالم العربي.

في مطعم فيصل كتبت البيانات  وانطلقت التظاهرات ونظمت الإضرابات  والاعتصامات. في هذا المطعم نوقشت احلام الوحدة وتحرير فلسطين وفيه التقى صدام حسين منح الصلح وكرم كرم وغيرهم. حتى ان الرئيس جمال عبد الناصر ذكرهم في احاديثه ” دول جماعة فيصل في بيروت”.

ولكن هل بالامكان استعادة ذلك الزمن وروحه؟

كانت الست ام كلثوم تقول “عايزنا نرجع زي زمان قول للزمان ارجع يا زمان”.

 ارى اننا اذا استعدنا أحلامنا، بلى نستطيع.

اذا استعدنا سبل التلاقي والحوار، بلى نستطيع.

اذا استعدنا قوة الكلمة والثقافة وبريقها ودورها، بلى نستطيع.

اذا استعدنا مشروعنا وقضيتنا ودورنا في لبنان والعالم العربي، بلى نقدر.

اذا استعدنا الروح المدنية لمجتمعاتنا واستعدنا حلم النهضة والإصلاح والتقدم، نستطيع نستطيع.

ان مطعم فيصل كان نتاج كل ذلك.

ولما رحلت تلك المعاني ورحل رواد ذلك المطعم المقهى  رحل معهم.

فعندما يرحل الكبار يأخذون أماكنهم معهم.

اجمل ما فعلته ايمان عبدالله في هذا الكتاب انها ذكرتنا بكل تلك القيم واللحظات وحفزتنا لأن نوثق التجربة ونعطيها حقها من العبرة والمثول والحضور والرسوخ والبناء على مقتضاها.

اجمل ما في هذا الكتاب انه أعطانا فكرة بأن تلك الأماكن كانت تشبهنا ونشبهها وكانت لنا بيتا ثانيا وركنا دافئا و مزهرية. وأننا فقدناها ولم نعد نملك  سوى الحنين اليها. الحنين يقول دوستويوفسكي ” حيث تذهب الروح ولا يستطيع الجسد ان يذهب معها.”

لم يغادر مطعم فيصل شارع بلس ولا الجامعة الأميركية ولا رأس بيروت ولا وجوه رواده ولا اشواقهم.

هنا كنا وهنا سنبقى وهنا سنلتقي.

كل شيء يولد من جديد وفي شكل جديد مطعم فيصل عاد وسكن في هذا الكتاب في حياة جديدة.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *