ورشة عمل لـ “جمعيّة عدل ورحمة” حول “بناء القدرات للحدّ من المخاطر لموظفي الرعاية الصحيّة في الخطوط الأمامية” / الأباتي جوزف بو رعد: نفتخر كأنطونيين برعايتنا للجمعيّة وبكل الخير الذي تفعله مع إخوتنا وإخوة يسوع الصغار/ بعقليني: “الرهبانيّةُ الأنطونيّة و”جمعيّةُ عدل ورحمة” يحملان معًا هَمّ المُجتمع وينطلقان من مبدأ المُساواة

Views: 520

برعاية وحضور رئيس عام الرهبانية الأنطونية الأباتي جوزف بو رعد نظمت “جمعيّة عدل ورحمة” ورشة عمل حول “بناء القدرات للحدّ من المخاطر لموظفي الرعاية الصحيّة في الخطوط الأمامية”، تضمنت محاضرات لـ: إيلي أعرج مدير “جمعيّة مينارة”، دنيز أبو نصار (أخصائيّة اجتماعية، مديرة بيتَ الإيواء)، الممرضة ريتا عقيقي، جنيفر جيرماني (أخصائية نفسيّة)، وشارك فيها رئيس الجمعية الأب الدكتور نجيب بعقليني والأعضاء وحشد من المهتمين بشؤون وشجون الرعاية الصحيّة والنفسيّة.

 

بعقليني

أفتتحت ورشة العمل بكلمة للأب نجيب بعقليني أوضح فيها أن ” جمعيّة عدل ورحمة” أسّستها الرهبانيّةُ الأنطونيّةُ مع مجموعة من العلمانيّين، منذ خمس وعشرين سنة، وقد احتفلنا العام المُنصرم باليوبيل الفضّي تحت شعار “لم ولن نكلّ” في الدفاعِ عن حُقوق الإنسان والنضالِ من أجل ارتقاءِ الإنسانيّةِ. جاء تأسيس الجمعيّةِ بناءً لرسالةِ الرهبانيّة الأنطونيّة التي تعملُ بوصايا الله الخالق وتعاليمِه، وهي مُساعدةُ المُحتاجِ والمُهمّشِ والفقيرِ والسجينِ والمريضِ… هؤلاء إخوتي الصغار الذين يتحدّث عنهم السيد المسيح في إنجيله المُقدّس، فتلقّفت الجمعيّةُ الرسالةَ وكرَّست عملَها للإنسان ولكلّ إنسان”.

أضاف: “يسرُّنا أن نستقبلَ معنا، اليوم، قُدس الأباتي جوزف بو رعد، رئيس عام الرهبانيّة الأنطونيّة والرئيس الفخري لـ “جمعيّة عدل ورحمة”، وما حضورُه بيننا إلا الدليلُ على قناعتِه بأهميةِ دورِنا ورسالتِنا في الكفاح لقيام نظامٍ جديد، أساسُه العدلُ والرحمة والمساواة والحياة الديمقراطيّة والحريّة والعدالة الاجتماعيّة”.

شدّد على أن “الرهبانيّة الأنطونيّة و”جمعيّة عدل ورحمة” يحملان معًا هَمّ المُجتمع وينطلقان من مبدأ المُساواة، من هنا لا بدّ للمواطنِ الصالِح المُتشبّث بمُواطنيّتِه المبنيّةِ على التفاعُل الإيجابي، أن يُدركَ أن الوقتَ حان للعُبور تدريجًا من الارتباطِ الجماعي على أساس النّزاعِ والصراعِ على السُلطة المتحكّمةِ بنواحي المُجتمع على اختلافها، إلى سُلطةِ المُجتمع التي تُحاكي قضايا الناسِ بطريقةٍ تفاعُليّةٍ وعمليّةٍ وصحيحة، والمُستمدة من السُلطةِ الاجتماعيّةِ القائمةِ على حُقوقِ الإنسان والقوانينِ الدوليّة، وتُعالج النزاعاتِ والصراعاتِ بطريقة حواريّة وعلميّة، وتشارك في تعزيز أُسسِ وقواعدِ الحياة المُجتمعيّة التي تحترم الآخر، وتحترم الاختلافَ والتنوّعَ والفُرادة، وتلتزمُ  بها بشفافيّةٍ تحت سقفِ القوانين والدساتير والاتفاقات والمُعاهدات”.

تابع: “اليوم، نسلّطُ الضوءَ على المُرتهنين للمخدّرات والمُدمنين الذين يعانون التخبُّطَ والعُزلةَ والآلامَ والجروحَ من جراء مرضِهم النفسي الذي يتآكلُهم يومًا بعد يوم، ولأسباب لن ندخلَ في تفاصيلِها. نحن كـ “جمعيّة عدل ورحمة” نعمل، بكل ما أوتينا من عزيمةٍ وإرادةٍ وتصميم، على مُرافقتهم مُعالجتهم واحتضانهم بعطف وحنان، لشفائهم من مرضِهم المُزمن. لكن لا، ليس هذا المرضُ مزمنًا، لأن بيتَ الإيواء الذي أسّسته جمعيّتنا في الرابية يؤمّن لهم المُتابعةَ والعلاجَ من خلال العلاجِ بالبدائل”.

أشار إلى أن “عالمُنا” بحاجةٍ إلى رُسلِ سلامٍ وقادةٍ إنسانيّين وروحانيّين، يتمتّعون برؤيةٍ رسوليّةٍ نابعةٍ من حُقوق الإنسان”.

وختم بشكر الأباتي جوزف بو رعد على حضوره وكلَّ من حضّر لهذه الوَرشة، والمُحاضرين، وقال: “نعم، نحن بحاجةٍ، اليوم، إلى التوعيةِ والإرشادِ والمُرافقة والمُتابعة وحتى إلى المُراقبة كي ننجّي تلامذةَ المدارس  وطلّابَ الجامعات وأفرادَ المُجتمع كافة من كل ما يؤذي صحتَهم النفسيةَ والجسديّةَ ويجعلُهم يَضِلّون الطريقَ ويبتعدون عن الأخلاقِ والقيمِ الإنسانيّة. شكرًا لكُم من جديد  وأهلًا وسهلًا معًا في رِحابِ الإنسانيّة”.

 

بو رعد

بعد ذلك تكلم الأباتي جوزف بو رعد (الرئيس الفخري لـ “جمعية عدل ورحمة”) ومما قال:

“تتجلّى رحمة الله هذه في طول أناته وفي وفائه لعهده مع الإنسان مهما نكث هذا الأخير به. وطول الأناة مُرادَفٌ للصبر. والصبر هنا هو على خطيئة الإنسان ومحدوديّته وضعفه وجهله وخيانته. هو فضيلة الوالدين لا القاضي. لا حياة من دون الصبر ولا ولادة. فبدون أناة الأهل وصبرهم على بلادة عقل طفلهم وغلاظة طبعه يستحيل أن يَكبر ويبلغ. فإن أخضعوه لسنّة الثواب والعقاب خنقوا زهوة الحياة فيه وحكموا عليه بالكآبة وبالطفيليّة. والحال فالشريعة تهذّب الإنسان ولكنّها لا تحييه. تحفظ الحياة سليمةً ولكنها تَعجزُ عن إعطائها وعن انتشالها متى سقطت… وتسقط. فالطفل بالأساس لا يستحقّ الولادة وإنما يدين بوجوده للحبّ والمجانيّة”.

أضاف: “ما يعلّمنا الكتاب والآباء والكنيسة هو أن الله رحوم وكثير الرحمة وأن ترتيب الأسماء فيه يعكس اسم جمعيتنا: لا عدلٌ ورحمة بل رحمةٌ وعدل. فالرحمة فيه هي الأولى … والأخيرة تماماً كما هي الحال عند الوالدين مع فلذات أكبادهم. وما العدل الا مظهرٌ من مظاهرها، أداةٌ لرحمة الله تحفّز الإنسان على النموّ والنضوج والبلوغ”.

تابع: “أحيّي باسمي وباسم إخوتي الرهبانَ الأنطونيين كلّ القيّمين على “جمعيّة عدل ورحمة” وعلى رأسهم الأب نجيب بعقليني الأنطوني الذي أتشرّف بأخوّته واعتزّ بعطاءاته وعطاءات معاونيه جميعًا في خدمة الجمعيّة والمجتمع والكنيسة. نفتخر كأنطونيين برعايتنا للجمعيّة وبكل الخير الذي تفعله مع إخوتنا وإخوة يسوع الصغار وهي عنوانٌ أوّل من عناوين خدمة الرحمة عندنا”.

ختم: أحيّي جهود المشاركين في هذه الورشة عمل  خاصّة المحاضرين منهم الذين سيَنهلون من علمهم وحِكمَتهم ليُفيدونا. أشكرهم على جهودهم التي ستساعدنا حتماً لتكون خدمتُنا لإخوتنا الذين يتعاطون المخدّرات ناجعةً وعِنايَتُنا بهم فاعلة. على إخوتنا هؤلاء استمطر رحمةَ الله وعلينا جميعاً حنانَه، واسألُهُ الراحةَ الدائمة لمن وُلِدت “عدل ورحمة” من احشاء رحمته، المرحوم الاب هادي العيّا، وأتلمّس لكل من يسعى ليشهد لرحمة الله في ظلمة السجون والإدمان والشر بركة الله ورضاه”.

 

أعرج

من ثم انطلقت ورشة العمل، بكلمة لـ إيلي أعرج مدير “جمعية مينارة”، ألقى فيها الضوء  على أنواع المخدّرات المنتشرة في العالم وفي لبنان، وشرح السياسة الاستراتيجية للحدّ من مخاطر المخدّرات، والعوامل التي تؤدي إلى الإدمان عليها، ومدى قدرتها على تهديم الجسد والنفس معًا.

كذلك  بيّن طُرق استخدام الحِقن والحبوب وأنواع المخدّرات وتأثيرها  على الجسد، وقدم عرضًا  توضيحيًّا كشف فيه كيف يتبادل المُدمنون الحِقن بين بعضهم البعض ما يسبب في انتقال الأمراض والعدوى خاصة الإيدز، وأوضح كيفية مُساعدة هؤلاء المرضى، والتعامل مع المُدمنين الذين يتناولون جرعة زائدة قاتلة، وشدّد على ضرورة وجود فريق كامل متكامل ليخفف من مخاطر الإدمان على المخدّرات.

 

أبو نصار

بعد ذلك عرضت دنيز أبو نصار (أخصائية اجتماعية، مديرة بيتَ الإيواء) الخدمات التي تقدّمها “جمعيّة عدل ورحمة”، بما في ذلك بيت الإيواء الرابية، الذي يهتم بالرعاية والتوجيه للمُدمنين على المخدّرات الذين يخضعون للعلاج، وتوقفت بنوع خاص عند العلاج بالبدائل الأفيونية الذي يقدمه بيت الإيواء، وما يتضمن هذا العلاج من مراحل ومعايير وأدوية مرتبطة به.

عقيقي

بدورها تحدثت الممرضة ريتا عقيقي عن دواء الـ نالوكسون، والخطوات الواجب اتخاذها في حالة تناول جرعة زائدة من المواد الأفيونية. كذلك قدمت معلومات معمقة عن العلاج البديل، وضرورة اعتماد الوسائل الكفيلة بالوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية، والعلاج، والتعمق في علم الأوبئة.

 

جيرماني

أما جنيفر جيرماني (أخصائية نفسية) فركزت على وصمة العار والتمييز اللذين يلاحقان الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والمُدمنين على المخدّرات، وعرضت الآثار السلبية على الصحّة العقليّة والجسديّة، مشددة على العوائق التي تحول دون الخضوع للعلاج وإعادة الإدماج الاجتماعي، لا سيما الأحكام الجائرة والمواقف الظالمة، ما يساهم في تعميق الضرر النفسي والجسدي.

أوضحت جيرماني أن نتائج المسح التقييمي الذي أجرته “جمعيّة عدل ورحمة” أكدت وجود تحيّز وتمييز ضد مرضى الإيدز والمُدمنين على المخدّرات في المجتمع والخدمات الصحيّة، وما لذلك من آثار ضارة على الصحة العقليّة من بينها: التوتر، القلق، الاكتئاب، العزلة، عدم احترام الذات، التفكير في الانتحار، التأثير على الجهاز المناعي، التأخر في طلب الرعاية، السلوك المحفوف بالمخاطر، الإحجام عن الـ نالوكسون خوفًا من الحُكم الجائر… لذلك استجابة لهذه التحديات، تم وضع استراتيجيات لمكافحة وصمة العار والتمييز.

بعد ذلك عرضت مقاطع فيديو من إنتاج الأشخاص الذين يتلقون العلاج في بيت الإيواء بيّنت بشكل ملموس آثار التمييز ووصمة العار على السلوك وعلى الصحة النفسيّة والجسديّة.

 

هدف ورشة العمل

تهدف هذه المناقشات والتحليلات المعمقة إلى وضع أساس متين للإجراءات المستقبلية في مجال صحّة المستفيدين من برنامج الحدّ من الأضرار.

كذلك تهدف ورشة العمل إلى تزويد موظفي الرعاية الصحيّة بالمعرفة والمهارات اللازمة في مجال الحدّ من المخاطر، والحدّ من وصمة العار والتمييز ضد المرضى والمُدمنين داخل المؤسسات الصحيّة، وتعزيز الدعم لهم، وتكثيف التعاون بين القطاعات الصحيّة، وتحسين النتائج في مجال الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، وتهيئة بيئة مؤاتية للصحة.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *