أربع نساءٍ يواجهن الذكوريّة

Views: 204

نجاة الشالوحي

“أغنيات للعتمة” لإيمان حميدان، رواية صادرة عن دار الساقي في مئتين وأربعةٍ وخمسين صفحة، موزّعة على إثني عشر فصلًا.

تُستهل الرواية برسالةٍ توجهها أسمهان من نيويورك إلى صديقة الطفولة “ويدا” المقيمة في كندا، تشرح فيها الظروف والأسباب التي أجبرتها على مغادرة بيروت، وشعورها بالغربة، بعدما انتزع طليقها ابنها من حضنها يوم ميلاده السابع، لم يحمها القانون، ولا ثقافتها من “ذكورة يدعمها الشرع وتحرسها القوانين” ص 10. وها هي تغادر بيروت المدينة المدمرة والحزينة، بصحبة ابنتها لمى قبل أن تصيبها لعنة نساء عائلة الدالي.

 

وتروي الكاتبة سيرة ثلاث نساءٍ من عائلة واحدة 1908- 1982 بأسلوب سلس ورشيق بعيد عن التكلّف والإطالة المضجرة، وتأخذنا إلى عالم نسويّ مليء بالقهر، والحرمان العاطفيّ، وتتساءل “هل ممكن بناء وطن ومستقبل وسط هذا القدر من الذكورة المدمرة، من العنف الجسديّ، والدينيّ والقانونيّ والنفسيّ، أم علينا الرحيل؟” ص 14. وتضيف هل “سيأتي يوم تصبح الكلمات أقوى منّي، تخرج حاملة جروحها ولا تحتاجني كي تجد طريقها إلى النور؟” ص 14.

 

تبدأ الرواية في ربيع 1908 بزواج شهيرة، ابنة الأربعة عشر ربيعًا إلى زوج أختها المتوفيّة جرّاء مرض غريب أكل جسدها، وتركت وراءها ولدين صغيرين بحاجة إلى أمّ، و”من ستحبهما وترعاهما أكثر من خالتهما” ص 20. وأمّ شهيرة لا تستطيع رفض هذا الزواج، لأنّ الرفض يطال سمعة الأمّ قبل أن يطال الإبنة، “وستلفّق ألسنة الناس أخبارًا تتعلّق بالسيرة والسلوك” ص 21.

 

سيرة نساء ثلاث تمتدّ على صفحات لا نملّ من متابعتها، نعيش معهنّ، نحزن لحزنهن، ونفرح لفرحهنّ، إن وُجد هذا الفرح، مأساة نساء ثلاث ترويها إيمان حميدان، إلى جانب سردها للحياة الاجتماعيّة والمعيشيّة، وبعض الأحداث السياسيّة المحليّة والإقليميّة وتأثيرها على الشباب والعلاقات العائليّة. أمّا المرأة الرابعة أسمهان ففضّلت الهروب إلى نيويورك عام 1982 إثر دخول الجيش الإسرائليّ إلى بيروت، بصحبة ابنتها لمى ذات الأعوام السبعة، بعد موافقة خطيّة موقّعة من والدها علّها تجد “مكانًا آخر لي وللمى تحت أشعّة الشمس” ص 246.       

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *