سجلوا عندكم

في عيد ميلادِكَ…

Views: 181

د. جان توما

يهلُّ عيدُ ميلادِكَ وقد صِرْتَ أبًا، لتعرفَ أنَّ العمرَ يبدأُ طفلًا ويحبو ليعود إلى طفولته. عمرٌ يلدُ عمرًا، ووالدان يرعيان طفلًا، والطفل نفسه يصون والديه في شيخوختهما، إن شاء الله.

هو العمرُ، يمرُّ كهبوبِ ريحٍ، كصفيرِ قطارٍ تسمعُهُ وقد لا تراه، لكنك تعرفُ أنّه آتٍ. كأنَّ ميلادَ المرءِ إجازةٌ من حلمٍ، ردّةٌ إلى واقعٍ، ذكرى أليفة في مَنْ غَيَّرَ حياة والديه، في مَنْ لوّنَ رتابة الحياةِ، وجعل للمعنى معنى، وللعمرِ عمرًا متجدّدًا. هذا، تراه اليومَ، في عينَي طفلك، في هدأته وبكائه، في بسمته وحركة يديه أمام الضوءِ العابرِ أو النورِ المتقلّبِ أمامه.

كلُّ ميلاد مِطلُّ لآتٍ نرجوه آمنًا مطمئِنًا كأحلامِ الأطفال. هذه الأحلامُ التي لن نكفَّ عن الطيران نحوها على بساط ريحها، فالحلم ُبات رجاء الحالمين، وهو ما يذهب إليه كثيرون تعويضًا عن حالات التعبِ والتوترِ والاضطرابِ. لعلَّ الحلمَ نستقيه من طيبةِ الأطفالِ، وبريقِ أعينِهم، وعفويةِ حركاتِهم.

ميلادُك اليومَ، وقد أكمَلْتَ ما أكمَلْتَ من سنين ، لكنّك الآن ستكتشفُ أنّ عمرَك يواكب ُشهورَ ولدكِ، وأنّ كلّ يوم معه يختصر الفرحَ كلّه، والعمرَ كلّه، والإنجازاتِ كلّها. في ميلادِك ترتاحُ الدنيا بين يديك، تغفو فيما تهزُّ لها ، على إيقاعِ أغنيةٍ تردّدها بعدما سمعتَها من والدتك، وهي تناقلتها من جدتك وهكذا، أنت لا تحتفلُ بعيدِ ميلادِك، بل بهذا التواتر ِمن جيل إلى جيل محبة ًوتعاضدًا وتكافلًا وتعاونًا.

ميلادُك السنة بنويٌّ، عائليٌّ، فيه من الرضى والبركات. لن تكتبَ أمنياتِكَ بعدَ الآن في دفترٍ من ورق، أنتَ الآن تودعُ قلبَ ولدِكَ كلّ عطرِ الفرحِ وبخورِ الأيامِ المباركةِ الآتية لينمو بالحقّ والإيمان، قامة حبّ وباقة ودّ.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *