في ليال…

Views: 26

د. جان توما

تكرجُ الشمسُ عن جلول التلّةِ كناعورةِِ العمر ِعلى دروبِ مياهِ الزمنِ. كأنَّ مسرى الحياةِ لعبةُ ألوانٍ يُتقنُ مزجَها المبدعُ الطالعُ من رتابتهِ إلى جديدهِ كخروجِ الفراشاتِ من شرانقِها ناسجة بتلاوين أجنحتِها حريرًا تتخايلُ به جمالاتُ الأيام.

ألا تتعبُ الشمسُ من الرحيلِ كلّ مساء؟ تزدادُ فرحًا كلّما زفَّهَا غروبٌ  إلى فجرٍ جديد. كأنَّها عروسٌ تتنقلُ من هضبةٍ إلى أخرى،لتحملَ العرازيلُ المنصوبُة على أغصانِ الأشجارِ طرحتَها، فيما تلوّح العصافير بمناديلها الأيلوليّة وداعًا إلى ما وراء الأفق.

هي أمسيّاتٌ من الأماسي الخافقةِ الولهانةِ جمالًا فوق جمال. تسودُ العتمةُ اختيارًا ، فالآتي من صمتِ الشمسِ يجعلُ العالمَ ناطقًا بألف مشهدِ وألف صورةٍ موحيّةٍ في زمن تساقطَتْ فيه الفصولُ وسادَتِ المتاهاتُ التي لا تنتهي.

هاتي أيّتها الشمسُ خفوتَ ضوئِكُ لسكينةِ حياءٍ، واطلعي في البال أغنيةً وموالًّا، وتعالي نَلْهُ كأبياتٍ في قصيدة طالَ مطلَعُها شروقَ العمرِ في رواية ألفِ غروبٍ وغروبٍ قبل انفجار الصبحِ في

“لَيالٍ كَتَمَت سِرَّ الهَوى

بِالدُّجى لَولا شُموسُ الغُرَرٍ

مالَ نَجمُ الكأسِ فيها وهَوى

مُستَقيمَ السَّيرِ سَعدَ الأثَرِ”.

***

*الصورة الرئيسية: جبل أيطو من إهدن

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *