احتفاليّة “لقاء” بكتاب “ذكريات بعدها بالبال” لـ روبير خوري
أقام “لقاء” أمسيته السادسة والتسعين احتفاءً بكتاب “ذكريات بعدها بالبال” للشاعر روبير خوري صاحب مجلّة “صوت الشاعر” في مركز “مشروع وطن الإنسان” الضبيّة، حضره أعضاء بلديّة الضبيّة وإعلاميّون وحشد من أهل الكلمة وأصدقاء الشاعر ومحبّيه. وقدّمتْ للأمسية الأديبة تمارا شلهوب جاد.
باسكال بلاّن النشّار
افتتحت الأديبة باسكال بلاّن النشّار الاحتفالية بكلمة “لقاء” معتبرةً أنّه “ليس مجرد منتدى أو تجمع للمثقفين: هو واحة تلاقي بالمحبة والتفاني لأجل إنارة دروب الآخرين إن سعوا والإضاءة على كل من جهدوا لأجل الثقافة كما ترسيخ التراث الثقافي والفني… والعلائقي… ولا نغفلنّ أن النجاح رديف للمثابرة المتواضعة والدأب في الاطلاع والتعلّم من أساتذة، ك مكرمنا اليوم الشاعر روبير خوري من خلال إطلاق كتابه الجديد ” ذكريات بعدها في البال”.
ميشال معيكي
الفنّان والإعلاميّ ميشال معيكي تذكّر علاقته بالمحتفى به “رفيقَ صبا ونشاط في الضبيّة”، مضيئًا على عمله في الشأن العامّ وجمعه أهل القلم واهتمامه للزجل… وقال في كلمته:
جئنا الليلة لنقول للصديق روبير خوري: شكراً لكَ، وتحية لمسارِكَ الرائع، وتقديراً لعصاميّتكَ الجميلة…
أحببناك هكذا… كما كنت وكما صرت.
قرأتك في إصداراتك: الزجل اللبناني – منابر واعلام / وفي موسوعة الشعر العامّي اللبناني، وقرأت شِعرَكَ في “هيك العمر” … واستمتعت.
أَكبَرت فيك عَنادَك الجميل في استمرارية إصدار “صوت الشاعر” لسنين طويلة، بالرغم من مرارة الصّعاب وأشواك التحدّي..
بمتعةٍ قرأت “ذكريات بَعدها بالبال” حكاية زمنٍ، وذاكرة زمن!!
أسماء ومطارح وصُوَر وجلسات، وأحداث ووجوه…
سردُ بسيط، صادق…
وذلك الوفاء الرائع لصداقات الشِّعر والعمر…
روبير خوري: صديق الطفولة وحنين الى السنوات الأزهى. الى ذوق الخراب، تلال اللوز، جبال التيم، حفافي الزيتون، أرض الحوَّارة وحِرش أبو قاسم…
هناك اكتشفتُ صوتاً للعاصفة بين أكواز الصنوبر اليابس في الشجر العالي/ تعاركًهً رياح كانون…
في تلك البلاد، عرفت صاحبي روبير في البيت الترابي ذاك…
أم فيليب وأبو فيليب، سيرة الدجاج، عريشة السطيحة وحيطان الكلس الأبيض/ أزمنة تعشش في الفسوخ، وكرايش خشب السقوف / ونشيش اللوكس شاشة النور العجيبة، الأرَقُ في أجنحة فراشة، ثم طعم رغيف الصاج ساحناً معبّقاً برائحة وَقيدِ السيكون، ودخانٌ يعمي القلوب جتى تدمع العين.
هناك كانت ضيعةٌ غارقة في صمتها وعصافيرها منفى الشعر الأثير!
سنوات عُمر مرَّت يوم عرفت زوق الخراب .. الزمن الجميل، في الصباحات: جدّي بو الياس، أنا وسَلَّة العنب و: هَون بيت نعيم الخوري (بو فيليب) …
بيدير بالو عالرزقات، ودَلَّ على عريشة تحتها بيت بعلِّيَة… ومن يومها (!!!) كلما آت الى تلك القادوميات طلوعاً يعبُرني شلال الفرح ذلك، ويلفّني بغبار جميل، وتعود رائحة بارود الدكّ ومشهد ريش عصافير العابور على شوك (العلَّيق) ولمعان الزيزان/الدهب، وعبق الطيّون نُمرغ به ثمار الصَّبّير…
زوق الخراب … بلاد روبير خوري: هي تلك المساحات البعيدة في فَرح أحراج الذاكرة، في إلتماعات الإثارة الحلوة التي نُحبّ ونتمسّك في عمق وجداننا / ونحاف عليها.
هو ذلك الإيقاع الجميل الهادئ لنبض الأرض، وحياة الفلاحين، وحركة الفصول والمواسم/ ومرور الغيم/ والنَّوم في ألأمان، وإستكانة الروح والقناعة برغيف الخبز، ودوَيك الفخّار المسحَّر، هو عالم الشعر الأول من طفولتنا …
يوم وُلِدَتْ “صوت الشاعر” أحسست فرحاً في عينين صاحبي، شتلة فلٍّ أزهرت في دفتر طموحه…
عادني اليوم حنين الصُوَر الأولى لمكتبة خوري على أوتوستراد ضبيه، قرب “صيدلية مسك” ومعلّم أنطون!
تذكرون ضبيه مطلع الستينيات قبل عبور الأوتوستراد، وجرف أزهار الليمون وليالي الأريج ؟؟!!
في تلك السنوات أذكر صاحبي متأبطاً “النهار” و”التلغراف” باكراً مع عاصفة الصباح وهدير آذار، يجوب حارات ضبيه والذوق…. كنا عشرين مشتركاً في أحسن الحالات!! من حَيٍّ لآخر بخطى سريعة عصبية يلفّ الضيعة. ملحوقاً كان دائماً صاحبي، والصبح لا يطلع بلا جريدة.
مكتبة خوري، هناك مُلتقى الشلّة! نقرأ، نقرأ ، نشرب قهوة، نفلفش الكتب القليلة وما تيسّر من مجلات أجنبية/نطالع الزمان العربيّ، نَسمع صوت العرب وخِطب جمال عبد الناصر، نقرأ “هيكل” “بصراحة” ولا نفهم! نتكابش، نتسقَّط أخبار الضيعة والحرتقات، نقرأ اسمائنا ونتائج البكالوريا، نؤسّس نادي الصداقة، نتابع أخبار “الحلف والنهج”، نرصد يوميات حَرب الأيام الستة!
كانت المكتبة، بيتنا والنادي … والمقهى وخيمة للصداقة متواضعة… أحببناها!
صُوَرٌ ومشاهد من الذاكرة ، تقفز كلما التقينا… هذا البوح، وهنا مكانٌ للكلام الآخر..
وبعد شكراً للقاء لهذا التحلّق الراقي حولك، مستحقٌ صديقي روبير هذا التكريم .
وعلى وعد وأمل بإصدارٍاتٍ أُخَرْ وعطاءات سنابل على بيادر الشِّعر والبركة…
ندى بو حيدر طربيه
الشاعرة ندى بو حيدر طربيه عبّرت بأسلوبها الرمزيّ فقالت: ” روبير خوري صاحب مجلة صوت الشاعر ورئيس تحريرها. صوت الشاعر في زمن الصمت المخيف لإعلام الثقافة والشعر والفكر… روبير خوري، الشعر قاطرتك والسكة تاريخك، أمّا العربات فتشكّلت منذ الطفولة إلى مرحلة المراهقة والشباب والرحلات السندباديّة والمرحلة الشعريّة. عربات لا تعدّ ولا تحصى من مؤتمرات الزجل اللبناني إلى ندوات صوت الشاعر وعيد الشعر وكتاب الزجل اللبناني: منابر وأعلام وصولا إلى موسوعة الشعر العامي والتكريمات والذكريات مع الشعراء والإتحادات والنقابات والعائلة. هي محتويات قطار عمر أكثر منها محتويات كتاب”. وختمت بقصيدة متل اللي حامل للوقت غربــال”.
عماد يونس فغالي
الأديب د. عماد يونس فغالي قال في مقاربته الكتاب:
بين معرفتي بـ روبير خوري لعقدٍ من الزمن ونيّف، بقصدٍ من صديقٍ مشترك، أراد يجمعُنا، المجتمعَين على الكلمة من دون تعارفٍ، الحبيب فادي شلالا ابن الضبيّة والناشط لأجلها… بين يومِها والآن، قصّةٌ أفاجأ كتبها روبير في الصفحتين الأخيرتين من سرده النصيّ للكتاب موضوعنا، تحت عنوان: معرفتي بالأديب الدكتور عماد فغالي. فاجأني صدقًا اكتشافي اسمي بين كبارٍ صنعوا ذكرياته “البعدها بالبال”.
لكلٍّ من الناس قصصُه في الحياة ورواياتُه العلائقيّة مع الآخرين، خصوصًا من جمعته بهم صلةُ قربى أو مكان عمل أو اهتمامٌ مشترك. وتبقى هذه القصص والروايات عالقة في البال، يسردها صاحبها غالبًا شفويًّا، في جلساته الخاصّة، وينتهي بها الأمرُ إلى نسيانٍ أو تجاهل، إلاّ من عملت فيه تأثيرًا أو تركت عندَه عبرة…
روبير خوري، صنع شغفُه الشعريّ حياتَه كلَّها، إلى عمره المهنيّ والشخصيّ… مسيرةٌ التقى خلالها أناسًا، ومرَّ بأحداث ومواقف، سجّلها في فكره وتفاعلَ معها، لتتكوّنَ خبرتَه الطويلة… ولم يتوقّفْ عندَها لنفسه… احتفظ بها “ذكريات بعدها بالبال”، كتابًا انسابت فيه يراعتُه، مُدامًا قدّمها نشوانَ حتى الثمالة! سكب روبير خوري نفسَه مدادًا، بضًّا كماء… عكسَ نبضَه عبر الصفحات رقراقًا، تسمعُه على وقعِه المنتظم، كما في تقطّعاته جرَاءَ الصدمات… لسانُه المدوّن هو هو في بُحّته، أنتَ لا تقرأ قدرَ ما تجالسُه، يخبرُكَ بهدوئه تارةً، وحماسته طورًا… وتنحاز له لِما في بوحه صدق، وفي سرده حقائق… يقولُ فرحه ويقرّ بإخفاقاته وخيباته… ما أعجبه وما أزعجه… من خدمه ومن خذله… كتب بصيغةِ العارف… أنّ اثنين لن يحبّا: الكتبَ عنهم ولم يرقْ لهم ما كتب، واللم يكتب عنهم لما اعتبروا أنْ كان عليه أن يفعل.
عنوان الكتاب “ذكريات بعدها بالبال” تعبيرٌ في المحكيّة تشي بِ محكيّةِ النصّ كلّه… في فصحاه، يتكلّم روبير محكيّتَه لغةَ الضاد. لغةٌ فصحى مصطلحًا، لكن لغةُ روبير في امتياز… وأنتَ تقرأ، تشعركَ تسمعه يخبركَ… في هذه، لا تسجِّلْ له هفواتٍ قواعديّة أو صياغةً مشبوهةَ العاميّة.
في تفكّرٍ مضمونيّ، الكاتبُ هنا أثلجني، “فشّلّي خلقي”. كاتبو المذكّرات أو السيرة الذاتيّة، يتحاشون الغوص “بما يزعج” حولهم… معتقدين أنّهم يكتبون ليُفرِحوا أو ليشكروا… لكنْ كم من حقيقة يعتّمون عليها، مراعاةَ شعور فلان وغيره… وفي تقدّم الزمن، تبانُ المرتكَبات طمسًا لشهاداتٍ أردناها مخفيّةً.
“ذكريات بعدها بالبال”، في اعتقادي أنموذجٌ للعملِ التوثيقيّ، ووثيقة حيّة مكتوبة لحاصل الواقع في وقته… اليوم أزعج ناسًا، انتظروا المؤلّفَ يمدحُهم ويُكبر مواقفَهم… غدًا يخبر الكتابُ حقيقةَ ما نضح إناؤهم خلوًّا من تفاعلات…!!
“ذكريات بعدها بالبال”، كتابٌ يُضاف إلى مكتبة الزجل المرجعيّة. يعتمده الباحثون في الشأن، فيجدون القطبةَ المخفيّةَ لوقائعَ يعرفونها نتيجةً وتداعيًا… سيقرأون تفاصيلَ تشهدُ في مكان وتنقض في أخرى… كتابٌ يبيّن من يتمسّك بالحقيقة ومن ينحاز للتمويه والتجميل…
في الواقع، كتابُ روبير خوري هو شخصُه مدوّنًا. إنْ تعرفْ روبير، تفهمْ حيثيّاتِ الكتاب… يبقى أن نقبل!!
غسّان شديد
أمّا الشاعر غسّان شديد، عضو مجلس نقابة شعراء الزجل في لبنان فألقى قصيدته التي حيّا فيها “لقاء ” وأثنى على مسيرة الشاعر وعطاءاته.
جوزاف ياغي الجميّل
وألقى الدكتور جوزاف ياغي الجميّل، كلمته العنونها “ضمير الشعر اللبنانيّ وذكريات الوفاء”:
ضمير الشعر اللبنانيّ وذكريات الوفاء*
ذكريات بعدها بالبال.. كتاب جديد للشاعر الصديق
روبير نعيم الخوري، صدر أخيراً عن منشورات صوت الشاعر.
بين روبير الخوري والشعر رفقة عمر، وأحلام دافئة
لعلّه وُلد وفي فمه ملعقة شعر.
كتاب ذكريات هو، بل كتاب حياة.
وحياة الشاعر الخوري محطّات، بل رحلات، في عالم الشعر والشعراء، استحق إثرها لقب ضمير الشعر الشعبيّ في لبنان.
ذكريات بعدها بالبال يسردها شيخ شعراء المحكيّة في لبنان، وقد تجاوز الرابعة والثمانين من السنين المعطّرة بالعطاء.
ويسأل القارئ: ماذا يحمل الشاعر الخوري، في جعبته من الذكريات؟
ذكريات لا تزال في البال. تبدأ من طفولة الشاعر، إلی حداثته، وشبابه، وصولاً إلی مشارف الشيخوخة.
وكأننا أمام الفلّاح الأخير، في حقل الشعر العامي، الذي وصفه الأديب اللبنانيّ فؤاد سليمان، في درب القمر، إذ يقول:
والفلاح الأخير في ضيعتي مات من سنة…بعده لم يبق في ضيعتي فلاحون أقوياء …
فهل نحن، مع الشاعر روبير الخوري- أطال الله عمره- أمام الفلّاح الأخير، في حقل الشعر اللبنانيّ الشعبيّ كتابة وحفظاً وتوثيقاً؟
طفولة الشاعر الخوري أكثر من عادية، إذ ترك المدرسة، وهو في الثالثة عشرة، وانصرف إلی العمل في الحقل(ص (19، ثمّ في شركة حفريات(ص 21)، وبعدها في مطبعة(ص 24)…وكأنّ هذه الأعمال تجسيد رمزيّ لحياة الشاعر الخوري التي غدت عملاً دؤوباً، في حقل الشعر الشعبيّ، وفي التنقيب عن جمالاته وكنوزه، وطباعة مجلّة شعريّة شعبيّة، هي مجلّة صوت الشاعر.
أما بداياته الشعرية فكانت سنة 1962، حين انضمّ إلی جوقة الزغلول برئاسة الشاعر ميشال قهوجي، إلی جانب الشاعرَين وديع الشرتوني، وكميل شلهوب.
أمّا ذكرياته مع الشعراء، فكانت وافرة الغلال، توثيقاً حيّاً للحركة الشعريّة الشعبيّة، في لبنان. ومن أبرز هؤلاء الشعراء، علی سبيل المثال، لا الحصر، مارون كرم(ص 272)،إيليا أبو شديد(ص 282)، جريس البستاني(ص 284)، خليل شحرور(292)، جوزف الهاشم زغلول الدامور، (ص 297)، جوزف أبي ضاهر(ص 326)، وغيرهم ممن تضيق الصفحات عن تعدادهم.
أمّا أبرز الذكريات المحطّات الإنجازات، فكانت مجلّة صوت الشاعر، التي سبق ذكرها، ومؤتمر للزجل في لبنان، سنة 1994، وندوات صوت الشاعر(ص 144- 156)
والمؤتمر الثاني للثقافة العامة في قصر الأونيسكو(ص 158).
ولعلّ الحدث الأبرز كان إصدار كتاب الزجل اللبنانيّ- منابر وأعلام، الذي اعتمدته منظّمة الأونيسكو، كمرجع اساس لادخال الزجل اللبناني الى لائحة التراث العالمي غير اامدفوع سنة ٢٠١٤، (ص 165)، وموسوعة الشعر العامي اللبنانيّ التي تحتوي 1058 صفحة، و 1150 سيرة حياة شاعر عامّي، و750 صورة لشعراء(ص 174).
وقد ورد في الكتاب ذكريات بعدها بالبال أخبار عن حفلات التكريم التي أقيمت للشاعر روبير الخوري، في مختلف المناطق اللبنانيّة، برعاية وزارة الثقافة، ( ص189 وما بعدها(
وينتهی الكتاب بباقة من الصور للشاعر روبير الخوري، وكوكبة من الشعراء الذين عاصرهم، فضلاً عن صور لافتتاحيّات مجلّة صوت الشاعر.
روبير الخوري، لا أغالي إن لقّبتُك بصخرة الشعر اللبناني، وعلی هذه الصخرة بُني الشعر الشعبيّ اللبناني، في ماضيه وحاضره. وهذا هو كتابك اليوم، استشراف للمستقبل الذي نراه زاهراً بفضل جهودك الإبداعيّة. صفحة أنت ناصعة في كتاب الثقافة الشعريّة الشعبيّة اللبنانيّة. .
ذكريات بعدها بالبال، حكايات تروی، تحفظها ذاكرة تاريخ الأدب الشعبيّ اللبنانيّ، ذخراً للأجيال المقبلة. ومرجعاً حيّا للأدب والأدباء.
روبير الخوري، أعرف أنّ كتابك ليس الأخير. له إخوة ينتظرون أن يبصروا النور، في زمن الظلمات. فأين وزارة الثقافة تهتم بإصدار هذه الكتب الجاهزة للطباعة؟ وأين من يُكرّم عمراً حافلاً بالعطاءات؟
حياة الشاعر الثمانينيّ تذوي كما مكتبته التي تضمّ حوالي ألفي كتاب، في الشعر الشعبيّ اللبنانيّ. فهل من مكتبة جامعيّة تحتضن هذه الكنوز ، وتحميها من الاندثار ؟
قديماً كتب الأديب اللبناني أنيس فريحة عن القرية اللبنانيّة فقال إنّها حضارة، في سبيل الزوال. وأقول اليوم، عن الصديق الشاعر روبير الخوري، إنّه تاريخ حيّ للأدب اللبنانيّ ، مهدّد بالزوال.إنّه قرية الشعر، بل هيكله المقدّس، في مؤلّفاته، وفي ذكرياته الغنيّة بالمعرفة النابضة بالحياة.
روبير الخوري، أردت أن أتكلّم عن كتابك الجديد “ذكريات بعدها بالبال”, فكتبت عنك أنت. وأنت الذكری الحيّة الشاهدة علی سبعة عقود من الإبداع النورانيّ.
وعذراً، أيّها الصديق، إذا جرحت تواضعك بصرختي هذه. ولكنّها نداء من أجل المستقبل، عبر حماية الجذور والتراث، تراث الحركة الشعريّة العاميّة التي ناضلتَ وتناضل في سبيلها، بكلّ ما أوتيت من همّة لا تكلّ ولا تملّ.
وأنهي كلمتي هذه بترداد قول لجبران خليل جبران :
“لا تعطوا الرجل الكبير بل خذوا منه وهكذا تكرمونه”
خذوا منه هذه الدرر المخبّأة، في فؤاده الجريح بالمحبّة.
روبير الخوري قليل ما تأخذ، كثير ما تعطي، فهل نبخل عليك بالقليل من الوفاء؟
شكراً روبير الخوري، شكراً لكلّ مَن أسهم في إنجاح هذا اللقاء، شكراً “لقاء” الوفاء، في مركز مشروع وطن الإنسان، مشروع المحبّة والنقاء
***
آخرُ الكلام كان للشاعر المحتفى به وبكتابه، روبير خوري، الذي هتفَ شعرًا خبايا قلبه وحناياه.
وختامًا قدّمتْ الأديبة باسكال بلّان النشار باسم “لقاء” وباسمها درعًا تكريميًّا للشاعر روبير خوري، ودعي الحاضرون إلى شرب نخبه احتفاءً بكتابه الذي قدّمه هديّةَ محبّة!