سجلوا عندكم

العميد نزيه بقاعي.. عندما يرتقي “العسكر” بفعل الثقافة!*

Views: 311

د. مصطفى الحلوة

على صفحة الجريدة الإلكترونية “لبنان عربي” (27 تموز 2024)، وتحت عنوان: “مخابرات الجيش في الشمال ونقاط الالتباس الحسّاسة”، كتب ناشر هذه الجريدة، الصديق المحامي مصطفى العوّيك مقالًا، نقتطف منه: “أشادت مصادر سياسية طرابلسية بالنهج  الذي أرساه العميد نزيه بقاعي، منذ تعيينه مديرًا للمخابرات في الشمال، أواخر العام 2020، المتمايز عن أسلافه، حيث ركّز جهوده على الانفتاح على مختلف الفئات المجتمعية، وعمل على محو الأدران السلبية العالقة في العقل الجمعي الطرابلسي، عن ممارسات المخابرات (..)وكشفت المصادر أنّ العميد بقاعي يختلف عن أسلافه، في العديد من النقاط، أبرزها العمق الفكري والمخزون الثقافي. فهو شخص واسع الإطلاع على قراءة الكتب، وأنّه قام بتوظيف هذه النقاط بحنكةوبراعة، من أجل تقديم أداء مختلف، في توقيت دقيق للغاية”.

ومما ينسب الكاتب العويك من مأثرة، إلى سائر مآثر العميد: “ملفّ المخالفات والاعتداءات على الأملاك العامة والخاصة، والذي أُريد له أن يكون ملفًّا متفجّرًا في وجه مخابرات الجيش(..)، فكان أن اتّخذ العميد بقاعي قرارًا شديد الأهمية، وهو وقوف المخابرات خلف أي قرار صادر عن السلطات المعنيّة، ودعم تنفيذه بالتنسيق مع باقي المؤسّسات الأمنية”.

…يتحصّل مما قرأنا أنّ الإعلامي العويك يُشيد بكفاءة العميد بقاعي، في إدارته المؤسسة الأمنية  المولج بها، وصبغها بسمة غير معهودة، لدى “العسكر”. فهو يرى إليه مُغايرًا لما سبقوه إلى سُدّة مؤسسة المخابرات، التي تُشكّل مناعةً أمنيّة صرفة ومناعة، على صعيد الأمن الاجتماعي، لطرابلس والشمال. فقد رصد لديه نزوعه إلى المطالعة وانفتاحه على مثقّفي المدينة، مما يمنح شخصيته بُعدًا إضافيًّا، استطاع توظيفه في أدائه الأمني.

إشارة إلى أنّ ما يعنينا – نحن الطرابلسيين – أكثر ما يعنينا ما أنجزه العميد بقاعي مؤخّرًا، في منطقة نهر أبي علي، حيث قامت مديرية المخابرات (فرع الشمال)، بتوجيه ودعم من قيادة الجيش العليا، “في ليلة ما فيها ضوّ قمر”، بحسب التعبير الشعبي، بجرف وكنس وتنظيف كل المنشآت والعشوائيات والشوائب، التي طبعت هذه المنطقة، على مدى السنين الماضية، بل منذ قيام “مشروع الإرث الثقافي”، سيِّء الذكر. فقد غدت المساحة المسقوفة من النهر مرتعًا ومساحة نفوذ لعدة عصابات، من الزعران و”الشبّيحة”، ومصدر رزق “حرام”  وخوّات. ناهيك عن تحوّلها إلى ميدان لصراعات وإشكالات دموية يوميّة، ووكر لممارسة الدعارة، و”الحبحبة”، وتعاطي المخدرات، وسائر الموبقات. كما جرى تحويلها وتحويل مجرى النهر إلى مزبلة “نموذجية”، يمكن إدراجها في موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية!

هذه الحملة، التي تصدّرها العميد الركن بقاعي، تركت ارتياحًا عميقًا، لدى سُكّان طرابلس الأوادم”، وأثبتت، “بالوجه الشرعي”، أنّ الدولة موجودة، إذا أرادت!

إنّ الطرابلسيين يتطلّعون إلى استكمال هذه الحملة، فلا تبقى منطقة ولا شارع ولا زاروب خارج وجود الدولة، وفي حالة إنتهاك!

ويبقى السؤال المُقلق، نضعه برسم الصديق العميد بقاعي: هل ستعود طرابلس إلى الوقوع مجدّدًا في قبضة الزعران و”الشبّيحة”، الذين يسومون الأوادم سوء القهر والعذاب؟! وإلى ذلك: إلامَ سيستمرّ هؤلاء وأولئك، في تعطيل العجلة الاقتصادية في طرابلس، بجعلها مدينة معزولة، مقطوعة عن جوارها، ومحرومة من نعمة السياحة الداخلية اللبنانية، ومن مجيء السيّاح إليها، وهي المدينة المملوكية الثانية بعد القاهرة؟!

لقد قُيّض لنا، منذ فترة، الإلتقاء بالعميد الركن بقاعي، فاَنسنا فيه ذلك المسؤول الأمني اللائق، المتواضع، على حظٍّ من الخُلُق رفيع، المتّسم  بثقافة موسوعيّة. وهو محيط بأوضاع طرابلس والشمال، ليس على الصعيد الأمني فحسب، بل من مختلف الجوانب. ولديه رؤية ثاقبة، في اجتراح بعض الحلول لقضايا مختلفة، شريطة مشاركة الجميع وعدم استنكافهم، ذلك أنّ التحدي كبير!

..آخر القول، ودعوانا إلى الصديق العميد بقاعي: نحن مع الدولة، وإلى جانبك طالما أنت إلى جانب طرابلس والشمال!

***

*من بيادر الفسابكة/قراءة نقديّة في قضيّة (الجزء الثاني).

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *