سجلوا عندكم

جورج شكّور… ماذا كَتبْتَ لأَحمدَ؟

Views: 250

المحامي كابي دعبول

تعرّفت إلى الشاعر جورج شكّور في رحلة مع وفد لبناني إلى روسيا في العام ١٩٩٤. وقد ضمّ الوفد عددًا من الشخصيات الرسمية والثقافية والإعلامية، في رحلة دعانا إليها المرحوم الدكتور سيمون صقر رئيس رابطة خرّيجي الاتحاد السوفياتي من اللبنانيين.

طرنا على متن أجنحة الشركة الداعية Moscow Airways والتي كانت شركة طيران  روسية قد تمّ تأسيسها آنذاك.

كان الشاعر الكبير سعيد عقل والشاعر جورج شكور مفاجأة تلك الرحلة. وكيف لا والشاعر جورج شكور أمضى معظم الأوقات في رحاب روسيا، حيث  شملت الرحلة موسكو وزاغورسك (مركز البطريركية الروسية) وسان بطرسبورغ، ملقيًا قصائد الكبير سعيد عقل في حضرة “المعلّم” الذي لم يكن يُخفي نشوته لدى سماعه أبيات شعره.

توطّدت علاقتي بالشاعر جورج شكور بعد عودتنا إلى لبنان، وقد كان جالسًا في الصف الاول في حفل توقيع ديواني الاول “بكرا مرق” في العام ٢٠٠٢، ومن ثمّ قرأ الديوان بأكمله وخصّني ببعض الإطراءات على بعض القصائد لا سيما قصيدة “على حْسابي” التي كان كلّما التقينا يردد بيتًا منها أعجبه وهو يبتسم: “بيمَنِّنوني بِالخشَب/ وْ مَيِّتْ على حْسابي”.

غير أن هذا الشاعر الذي انتهج نهج الاولياء والأئمة في كتابة ملاحم شعرية فيهم، أصاب مني مقتلاً في التسعينيات في قصيدة رثاء كتبها لتلميذه الطفل أحمد، الذي قضى اختناقًا في رحلة نظمتها المدرسة إلى ربوع الثلج الأبيض، مع ثلاثة من رفاقه وقد قضوا وهم غارقون في نومهم. مرثية نخرتني حتى العظم يقول فيها على ما بقي في ذاكرتي: ماذا كَتَبتُ لِأحمَدا/ كَفّتْ يدَيَّ يدُ الرَدى/ وْ تلعثمتْ كلماتيَ الولهى/ وهامَتْ في الصدى/ قدرٌ وحِكمةُ خالِقٍ/ فوقَ العقولِ وأبْعَدا/ يا ربُّ عفوَك إِنّما/ هَبْ والديهِ تَجَلُّدا/ لا يَحْزَنا حُزُنَ الذي/ فقدَ الرجاءَ وما اهْتدى/ لَهَفي على الاطفالِ /ما يفنى يظَلُّ مُجدّدا/ ما أوقَدوا الشمعاتِ بَل/ كانوا الشموعَ لِتُوقَدا/ناموا بَياضُ الثلجِ كَفَّنهم/ وما عرَفوا غَدا/ في موطنٍ كم مِنْ فتًى/ فيهِ هوى واستُشْهِدا/ صاروا بجوار ربّهم/ مثلَ الملائكِ شُهّدا.

جورج شكور كتبتَ في “زهرة الجماليا” قصيدة “ساحر” بمطلع رائع شملتَ به جميع الشعراء إبداعًا: كَتَبتْ لي عِندَ ساحِر/ ما دَرتْ أنّيَ شاعِر. القصيدة التي فُتِن بها صديقنا المشترك الراحل جورج عبيد، فلحّنها وأصَرّ على أن تسمع قصيدتك مغنّاةً على مقام لحنه. كم كان يحبّك جورج عبيد، وها أنت اليوم تنضمّ إليه في الأخدار السماوية.

جورج شكور لن أنساك، وكيف أنسى ليالي منتدى “ليل وحكي” الذي عاد وجمعنا منذ سنوات وكنت دائما تزكيني شاعرًا لدى رئيس المنتدى الدكتور نزار دندنش (ابو جبران) وانت كنت عضوا مؤسسًا لهذا المنتدى، الذي استضافني على منبره مَرّات عديدة.

لن نقول وداعًا، فأنت باقٍ هنا في شعرك. هكذا قال الاب الراهب ميشال روحانا لدى تقديمه واجب العزاء في رحيل نقيب شعراء الزجل الشاعر جورج ابو أنطون: “الشعراء لا يموتون، هم باقون في شعرهم الباقي معنا”.

المسيح قام

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *