سجلوا عندكم

وجوه و…فراغ

Views: 110

د. جان توما

كيف تدخل إلى هدوئيتك وضجيج العالم يتعالى؟ وكيف تبرمج حياتك من جديد عندما تراهم ينفضّون من حولك من دون تبرير؟ كثيرًا ما يغادر أحبّة مكانهم، فلا تعود تجلس على المقعد نفسه لتطعم اليمام من رغيف قلبك وأمنياتك المكسورة.

هل عاينت شراعًا مبحرًا حسب ما ترغب الريح؟ مستسلمًا لهبوب الهواء، ملتحِفًا رذاذ الموج، فلا يستقرّ على رصيف، ولا يبلغ أفقًا بدا له على مرمى عين. هو حلمك الذي تلهث وراءه ولا تلتقطه. تراه أمامك ولا تلمسه. تعاين تفاصيله في اشتهاء، ويبقى بعيدُا عنك كسراب، كلّما دنوت منه ابتعد.

لا تدّعي القوّة فأنت حالم، كقشّة في جنون نسيم، وكأوراق وردة يتهجأ عاشق حكاية حبّه بين رفض وقبول، ينتهي عدّ الأوراق المنتزعة، تخسر الوردة رونقها، ويبقى العاشق أسير أمله المفقود، فيما يزداد ألمه ووجعه، ويكبر جرحه على مدى الفصول، موتًا وتوريقًا واستعادة ألق.

غدا يعود الموج إلى الشاطى. لن يجد المناديل المطرّزة الني لوّحت له عند الوداع، فقد أثقلتها الدموع فصارت لباس طيور النورس، تتبع راحات الأيدي المبسوطة المزروعة قمحًا وملح ليل، إذ ضاعت بين أرصفة الرسو تبحث عمن جفّف دمع الرحيل، وتركها تعيش بأجنحة متكسّرة.

***

*اللوحة للفنان حبيب ياغي

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *