المرأة في المعادلة الأُسريّة والمجتمعيّة/موقعًا ودورًا
د. مصطفى الحلوة
المرأة في المعادلة الأُسريّة والمجتمعيّة/موقعًا ودورًا” :هو عنوان المداخلة، التي قدّمناها في “مركز الصفدي الثقافي”، طرابلس (الخميس 13شباط 2025)، وذلك في إطار ندوة، دعا إليها “اللقاء للحوار الديني والاجتماعي” و “المجلس النسائي اللبناني”، عنوانها :”دور المرأة في التربية على المواطنيّة”*
في تعليلٍ لاختيار موضوع مداخلتنا، كان يُلحُّ علينا السؤال الآتي: أيَّ امرأة أعددنا، كي تقوم بدورها في التربية على المواطنيّة؟
كمدخل إلى موضوعنا، إستعرضنا، بشكل موجز، ما قام به بعض الروّاد والرائدات، من نهضويّينا في نُصرة المرأة والنضال في سبيل نيل حقوقها، إبّان النصف الثاني من القرن التاسع عشر ومطالع القرن العشرين، وهم على التوالي:
– المعلّم بطرس البستاني (1819-1883)، مع خِطابَيه الشهيرين اللذين ألقاهما، في العام 1849والعام 1869.
– قاسم أمين (1863-1908)، نصير المرأة الأوّل في الشرق، مع كتابَيه: “تحرير المرأة” و”المرأة الجديدة”.
– فريدة يوسف عطيّة (1867-1917)، مع روايتها “بهجة المخدَّرات في فوائد تعليم البنات”.
– زينب فواز (1844-1914)، مع كتابَيها “الدرّ المنثور في طبقات ربّات الخدور” و”الرسائل الزينبيّة”.
– وفي خضمّ مقاربتنا، إستحضرنا مفكّرَين نهضويّيَن طرابلسيّين، كانت لهما ريادةٌ في قضيّة المرأة، وليشكّلا ثنائيًّا متناغمًا هما: فرح أنطون (1874-1922)، وشقيقته روز أنطون الحدّاد (1890-1955).
– ولقد توقّفنا مليًّا عند المفكر فرح أنطون، مع مجلّته (الجامعة)، التي أطلقها من الاسكندريّة سنة 1899، ثمّ انتقل بها إلى نيويورك، وليعود فيصدرها من القاهرة. وقد استمرّت حتى العام 1909. ناهيك عن المجلّة النسائيّة، التي أنشأها في العام 1903″مجلّة السيّدات والبنات”، التي استمرّت حتى العام 1906. وقد عهد بإدارتها وتحريرها إلى شقيقته روز. علمًا أنّ هذه الأخيرة، عادت مع زوجها الأديب نقولا الحدّاد، لإصدارها، بعنوان جديد “مجلّة السيّدات والرجال” (1921-1930).
– من هذه المجلات الثلاث، نستلّ بعض العناوين/الخلاصات، وهي على الوجه الآتي:
– “نحن- والقول لروز أنطون-بحاجة ماسّة إلى تربية أُمّهات، قبل تربية الأولاد. نحن بحاجة ماسّة إلى مصنع تُصنع فيه أُمّهات لتربية الناشئة الجديدة، لتربية أُمّهات وآباء”.
– “أساس الهيئة الاجتماعية الأُمّة، وأساس العائلة الأُم، أي المرأة. ففي إصلاح شأن المرأة إصلاح الهيئة الاجتماعيّة”
– “أتطلبون هيئة سياسيّة فاضلة، ربُّوا المرأة لتضع لكم، في نفوس الأمّة، ذلك الأساس الوطيد، الذي يُمكنكم أن تبنوا عليه، بعد ذلك، الفضائل السياسيّة”.
– “تُقاس درجة مدنيّة الأُمم من النظر إلى نسائها، فحيثما يكون عُلوّ الهمم والإقدام والارتقاء، فهناك النساء مالكات”
– “هَلُمّ نؤلّف نقابة للمطالبة بحقوق الانتخاب (..). في الهيئة الاجتماعيّة، يحقُّ لهنّ (أي النساء) أن يشاركن مع غلرجال، في تدبير الشؤون الاجتماعية والسياسيّة والاقتصاديّة”.
– وقد أنهينا مداخلتنا بمشهديّة، بهدف التبصّر والاعتبار، حول المرض العُضال، الذي ما زالت تُعاني منه منطقتنا، لا سيما لبنان، منذ حوالي مائتي عام (من أحداث العام 1840وحتى يومنا هذا)، فهو غارق في وحول الطائفيّة والمذهبيّة وسائر الموبقات الناجمة عنهما، وما يترتّب على ذلك من كبح لسيرورة المواطنيّة والتربية عليها.
– ففي إجابةٍ عن سؤال، وجّهه إلى “مجلّة السيّدات والرجال” مواطن من بلدة جديتا (قضاء زحلة)، حول ما ترمز إليه الرايات المرفوعة في مظاهرات مصر، والتي تتضمّن الهلال والصليب معًا، يكون الجواب الصادم، من قِبل روز أنطون: “هذه راية المظاهرات المصريّة، ومعناها كلمة لا وجود لها في سوريا (أي بلاد الشام حينها)، وهي الاتحاد. وإذا رام السوريّون أن يرسموا راية مثلها، بهذا المعنى، فلا تسعُ الراية رسومهم، لأنّهم مضّطرون أن يرسموا، ليس الهلال والصليب فقط، بل الهلال وصليب الموارنة، وصليب الكاثوليك، وصليب الروم الارثوذكس، وصليب البروتستانت، ورسم إشارة درزيّة ورسم إشارة نُصيريّة. ثم ماذا؟ والله أعلمُ وأرحم” (مجلة السيّدات والرجال، العدد الخامس، السنة الخامسة، آذار 1924).
***
– تمّ استهلال هذه الندوة بكَلِمَتَي إفتتاح ، أولاهما للسيدة عدلى سبليني زين، رئيسة “الاتحاد النسائي اللبناني”، وثانيتهما للدكتور سابا زريق، عضو الهيئة الإدارية لِ “اللقاء للحوار الديني والاجتماعي”. وقد نوّها ببروتوكول التعاون، المعقود بين الهيئتين، وما يترتب عنه من نتاىج إيجابيّة، في مجالات متعدّدة. كما كانت مداخلتان للاستاذتين الجامعيتين: وديعة الأميوني، مديرة معهد العلوم الاجتماعية(الفرع الثالث)، ودوللي الصرّاف، أستاذة في المعهود المذكور