الحقائق السوبر خلاّقة
حسن عجمي
الحقائق السوبر خلاّقة هي التي تُنتِج الوجود الإنساني المثالي والأفضل.
من الحقائق السوبر خلاّقة حقيقة أنَّ كلّ البشر يشكِّلون إنساناً واحداً لا يتجزأ. وهذه حقيقة سوبر خلاّقة لأنها تؤدي لا محالة إلى احترام حقوق كلّ إنسان كحقه في أن يحيا حُرَّاً ومستقلاً وحقه في أن يتطوّر اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً وحقه في أن يُعامَل بمساواة كما يُعامَل الآخرون، فإن اعتقد كلّ إنسان بحقيقة أنَّ كلّ البشر يشكِّلون إنساناً واحداً لا ينفصل فسوف تَسود الحقوق ويَسود السلام مما يضمن تطوّر الحضارة والإنسان. وبذلك هي حقيقة سوبر خلاّقة. وكلّ البشر يشكِّلون إنساناً واحداً لا يتجزأ لأنَّ كلّ البشر يمتلكون الجينات البيولوجية نفسها. من هنا، الحقيقة السوبر خلاّقة التي مضمونها أنَّ كلّ البشر يشكِّلون إنساناً واحداً لا يتجزأ هي حقيقة مبنية على العِلم مما يدلّ على صدقها فحتمية الاعتقاد بها.
كلّنا علماء
العِلم ضمان بقاء الإنسان وتطوّره، فكلّنا علماء بمعنى معيّن أو آخر وإلا لم نتمكّن من الاستمرار أحياء. فمثلاً، حين نمشي، نقوم بحساب سرعتنا لكي نتجنب الوقوع أو الاصطدام بما حولنا. هكذا نمارس العِلم كلّ يوم لأنَّ العِلم جين بيولوجي يمتلكه كلّ إنسان لكي يحيا ويستمر ويتطوّر.
على أساس هذه الاعتبارات، الحقيقة قرار علمي قابل للاختبار والتصديق. ومِن تلك القرارات العلمية أنَّ كلّ البشر عبارة عن كينونة واحدة غير قابلة للفصل والتجزئة لأنَّ كلّ البشر يتشاركون في امتلاك الجينات البيولوجية ذاتها التي تبني أجسادهم وعقولهم وسلوكياتهم، فإن تصرّف الإنسان على ضوء هذه الحقيقة السوبر خلاّقة، تصرّف حينها على أساس العِلم الصادق الذي يحتِّم قبول الآخر واحترام حقوقه فيصبح وفياً لإنسانيته الكامنة في إنسانية الآخرين. ومِن هنا، نستنتج بحق بأنَّ العِلم والفكر الإنسانوي يشكِّلان حقلاً معرفياً واحداً لا يتجزأ ولا ينفصل فالعِلم يؤكِّد على أنَّ كلّ البشر كينونة واحدة غير متجزئة (بفضل تطابق جيناتهم البيولوجية) ولكن هذا ليس سوى مضمون الإنسانوية.
التأسيس للسلام العالمي
من الحقائق السوبر خلاّقة أيضاً حقيقة أنَّ كلّ البشر ينتمون إلى الحضارة الإنسانية ذاتها، وبذلك تتساوى كلّ الثقافات المتعدّدة والمتنوّعة في قيمتها ومقبوليتها مما يؤسِّس للسلام العالمي واحترام حقوق كلّ إنسان كحقه في أن يحيا ويتطوّر؛ فإن زارنا كائن فضائي فسوف يرى أنَّ كلّ البشر يتشابهون ويحيون في حضارة واحدة وإن تصارعت أجزاؤها حيناً وتعاونت حيناً آخر، تماماً كما تتشابه الغزلان بالنسبة إلينا. فالتطابق البيولوجي بين البشر واضح للنظر كما أنَّ التصرّف الإنساني واحد كالسعي إلى تحقيق السعادة وإن بأساليب متنوّعة.
ومِن الحقائق السوبر خلاّقة أيضاً حقيقة أنَّ كلّ المذاهب الفكرية تتساوى قي قيمتها ومقبوليتها مما يضمن قبول الآخر فيؤسِّس لبناء حضارة إنسانية فاضلة.
كينونة معرفية واحدة
تتساوى كلّ المذاهب الفكرية في الفلسفة والعلوم رغم تنوّعها لأنها كلّها ناجحة في وصف الكون وتفسيره رغم اختلافها. من هنا، الفلسفات والعلوم المتنوّعة تشكِّل كينونة معرفية واحدة. وبذلك تولد وحدة المعارف مما يضمن وحدة كلّ أفراد البشرية. وهنا تكمن السيادة العليا للحضارة الإنسانية. هكذا حقيقة أنَّ كلّ المذاهب الفكرية تتساوى في قيمتها ومقبوليتها هي حقيقة سوبر خلاّقة لكونها ضمانة الرقي الحضاري الحقيقي. فحين تتساوى كلّ المذاهب بالنسبة إلينا، نقبل الآخر المختلف فتسود حقوقه ويسود السلام. مثلٌ على هذه المساواة المعرفية بين المذاهب الفكرية المختلفة هو التالي: من الممكن بنجاح تفسير الكون علمياً على أنه يتكوّن من ذرات مادية كما من الممكن بنجاح تفسير الكون علمياً على أنه يتكوّن من معلومات مجرّدة. وبذلك تتساوى المادية والمثالية مما يحتِّم قبولهما معاً.