أيتها الأرض.. يا أمنا المباركة

وفيق غريزي

 

فوق ذرى صنين تبراني النسايم

من الآلام ومن قهر العبودية

وفي واديه العميق

تسكر الحياة من خمرة الشخروب

ضباب مفضض يلاًلىء القلوب

على اجفان الوادي تنقض الطيور

الشعاع يبرق ويخبو في فلك نوح

يحث  الفجر خطاه تحت ظلال الشوح

يقبِّل أقدام شمادم ومنحدر الصوان

نسور العاصفة ترصد الوقت ،

تحلّق مع الرياح

بين القمم تعلن عن مجيء النهار

تنهض القرى من رقادها

بحمية ويقين

بعزيمة لا تلين

تشتم عبق المسك واللبان

الأرض تحت الماء المتفجر

تفور، تملاً المكان

ثلج صنين البراق مبذور بالورود

والريحان

فوق أنواره يتنفس الاله

في ذكر جلاله

هناك فوق الربى مقرّه الأثير

ووجهه يغتبط في سناه .

…………

يرسل الى الحقول مطرًا رقيقًا

يفتح  في الأرض أثلامًا  وجراح

يمزج الغيوم بالرياح

يسكب عذوبة الربيع .. يجدِّد الفصول

الروح الأعلى حاضربيننا

عزم بهيج يطفح .. المطر هطول

أيها التواقون في الوطن

يا من بالعرفان المقدس تستقبلون

المنفي المرحل لاجلكم انتم

صليت .. رجت بزورقي الميول

الوديان مستنيرة ببهاء المسالك

تلقاني بنضارة لألاء

كل شيء أليف .. معهود

 سريعو الخطو يحيي بعضهم بعضا

كما لو كانوا اصدقاء

كل وجه كأنه للناظر قرين أوقريب

ثرى الأرض كل ما ابتغيه يبزغ

يطوي المسافات التي توقظ في داخلي ذكريات عهد تليد .

…………

اذ تبارك خبزنا .. باي اسم

تنطق الشفاه؟

حين اهجع بعد ضنك النهار

اقدم قرابين الشكر إلى الاله

لا يحب عثراتنا رب السماء

أرى كائنًا يفتر ساخرًا من أعباء الحياة

حتى وان تنكرت طوعا لأصلي المريب

وأسدلت أجفاني متعبا كأني

في زحف ملحمي طويل

مستترًا تحت ظلالها الاشجار

لكن أظلّ  معروفا من الجميع

حيال أبهة حضوري وحدها

نجر الناظرون على الرًكب

ممحوًّا في حضرتي حتى العدم .

 …………

 لا  امت للحاضر  بصلة

لا أجيء دون نداء

من لا يهاب النار والطوفان

لن يغافل الآن .

يا نهارات البراءة

يا ليالي  الطهر والنقاء

يا ورعي الأثير

الروح تزهر في هداًة المساء

ايها الصحب

أحضّكم الى الوليمة

وان اشتعلت الرؤوس شيبا

باقون على هيئة أطفال .. خالدون

قدر ساحق ألقى علينا ظله الحالك

في منتصف كلماتي .. يمثل هذا الخطف

كل ما يجيء من الماوراء يزول

ولكن ليس هدرا

اله الحقيقة يمس منازل البشر

وأقدار البشر على غفلة

لا احد يعلم متى

لكن الفجور واقع

والبربرية بالغة أعلى مقام

من أقاصي التخوم .

…………

سلمت النار لنا .. ولجج البحار

وضفافها الأنهار

القوى الغريبة جعلت معهودة

لمناهج الأبرار

من لدن الاب تحدر روح الكون

نحو الكائن الإنسان

الجبار منذ الأزل تمتد جذوره

حتى آخر الزمان

هذا هو ميثاقها الأقدار

يخبر الناس بعضهم بعضًا

واذا صمتوا

كان صمتهم  اشد وقعًا

من ابجدية الأيام

أيها  الأب الرحيم

لن يغفو نسلنا أبدا

قبل ان تبعث لنا السرمديين

الرسل والانبياء يخبروننا

عن مملكة السماء .

…………

الامل بالحمرة تلون الخدود

عند اعتاب البيوت

تجلس ام تحتضن المولود

تجتلي عبره مطالع السلام

لا احد يموت ها هنا

الهجس مرسل من الآفاق

المضرجة بالدماء يتمسك بالروح

وبالاقدمين يتمسك الوعد

ايتها الأرض .. يا امّنا المباركة

انجبت الكثير الكثير من الأبناء

ودفنت الكثير الكثير من الأبناء والأحفاد

الذي في أحشائك أخرجته للنور

باكرا جدا .. كلي القدرة

بات يبغضك اكثر من البغضاء

كل ما يوقظ الخوف والرعب

يوًثر البقاء ……..