أدونيس “اسمًا علمًا” في الجامعة الأنطونية
احتفلت سلسلة “إسم علم” في نسختها الثالثة عشرة بالشاعر أدونيس في الجامعة الأنطونية، في حضور نخبة من المثقفين والأصدقاء تقدمهم ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مدير مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية الاستاذ رفيق شلالا وعدد من الرسميين، وافتتح رئيس الجامعة الأب ميشال جلخ الاحتفال معبرا عن سعادة الجامعة بحلول أدونيس مكرما على منبرها وفي منشوراتها.

جلخ
ورأى الأب جلخ في كلمته “أن إسم علم بنسختها الثالثة عشرة، تزداد مع العمر نضجا وألقا، مراكمة احتفالاتها ومجلداتها سجلا ذهبيا عنوانه الوفاء للمبدعين”، مضيفا “بعدما كرمت كبارا في الفلسفة والفنون والعلوم الإنسانية على اختلافها، ها هي تحتفي بكبير هو جمع بصيغة المفرد، يجمع في شخصه ونتاجه رؤيوية الشعر، وعمق الفلسفة، وإبداع الفن التشكيلي، وإشكاليات الثقافة جميعها”.
وأشار الى “أن حلول أدونيس مكرما على منبر الجامعة ومنشوراتها شرف كبير وسرور عظيم”، متوقفا عند ما اعتبره إياب أدونيس، “الشاعر النجم، إلى الطفولة، من خلال بحثه في الفن التشكيلي عن جديد يتعلم به نفسه والأشياء”.

براك وأبو مراد
وشاهد الحاضرون مقابلة مصورة مع أدونيس، أجراها معه الإعلامي بسام براك، وتناولت موضوعات متنوعة تتعلق بعلاقته بدمشق وبيروت، وتجربته ضمن مجلة شعر، وموقفه من التراث والحب والحياة والمطلق وسواها. ثم قدم عميد كلية الموسيقى وعلم الموسيقى في الجامعة الأنطونية نداء أبو مراد تحية نغمية إلى أدونيس قوامها مقطع من “دفاتر خولة” لحنه أبو مراد وأداه عزفا مرتجلا على الكمان، وأنشدته، من مقام العراق، الطالبة رفقا رزق.

لحود
أما النائبة التنفيذية لرئيس الجامعة منسقة “إسم علم” الدكتورة بسكال لحود، فقدمت ملخصا عن محتويات المجلد الثالث عشر من “إسم علم” والذي حمل عنوان “أدونيس: جمع بصيغة المفرد”. الكتاب الواقع في ما يناهز الخمسمائة صفحة، والذي أشرفت لحود على إعداده، يجمع دراسات بأقلام نقاد وشعراء من العالم العربي وفرنسا والولايات المتحدة، تتناول أبرز مواقف أدونيس النظرية حول شكل القصيدة ووظيفة الشعر والموقف من التراث والمقارنة بين الحقيقة الدينية والحقيقة الشعرية، وحول أبرز سمات أسلوبه”.
وأردفت: “لا تخلو نصوص المجلد الثالث عشر من سلسلة “إسم علم” من انتقادات للعلم المكرم، بعضها موضعي وبعضها الآخر أكثر جذرية وشمولا، لأن النقد في صلب فكرة السلسلة، إذ إن الشكل الأمثل لتكريم المفكر، برأينا، ليس تقديسه، وإنما تناول تجربته تفسيرا وتحليلا ومقارنة وتطويرا ونقدا. نريد ل”إسم علم” أن تكون دليلا على إمكان اتساع “الضفة الشرقية للمتوسط”، مجددا، لثقافة النقد والحرية والتعددية، لعل الغد يكون أفضل من الواقع الذي وصفه أدونيس في “رأس أورفيوس”، النص الختامي في المجلد، والذي يدعو فيه إلى شرق جديد وبشرية جديدة”.
وختمت: “ليس العلم من يستوي مرجعا لا مجال لمساءلته، بل هو الذي يفتح أمام العقل والمخيلة عوالم جديدة، ويرتضي أن يقف، تماما كالسلطات والمرجعيات التي خلخلها، في مهب السؤال ويبقى هدفا مفترقا للصمت والكلام”.

أدونيس
بدأ أدونيس كلمته بتحية الجامعة الأنطونية “معتزا برؤيتها الثقافية وبالثقة التي أولتني إياها وتشرفني بها. إنها ثقة بالطاقات الخلاقة التي يكتنزها لبنان واللغة العربية لا في ميدان الشعر وحده، بل في جميع الميادين التي تسهم في بناء الحضارة الإنسانية مضفية على عالمنا صورة أنقى بهاء وأكثر علوا”.
واعتبر “أن هذه الرؤية تؤسس لمسار آخر متميز في العلاقة بين الجامعة – تعليما وإعدادا واستبصارا – من جهة، والمجتمع واقعا وتطلعا، من جهة. فهي ليست جامعة الطالب إلا بوصفها جامعة المجتمع، الرائي بانيا والباني رائيا. والعلاقة بين الجامعة والمجتمع تتخطى عالم الوظيفة، إنها سفر إبداع وتغيير”.
أضاف: “في أفق الجامعة، أشعر أني لست وحدي مدار هذا الاحتفال، وأجد في هذا الأفق ما يسوغ لي أن أدعو للحضور معنا رمزيا، أشخاصا عملت معهم واستضأت بهم، بحيث لا أقدر أن أرى إلى حياتي الفكرية بمعزل عنهم. كوكبة من الخلاقين كل في ميدانه، أرى نفسي جزءا منهم، وقد شاركوا جميعهم في صيرورتي من أنا ومن أنا”.
وسمى أدونيس لائحة طويلة من أصدقائه وطلابه. وأكمل كلمته بشكل رسالة إلى اثنين من أصدقائه هما يوسف الخال وأنسي الحاج: “ها أنتما الآن بيننا. يوسف الذي يحمل في قلبه موسيقى قداس كوني بشكل قصيدة صلاة، وأنسي الذي يحمل قصيدة – وردة تحتضن شهوة العطر وتبث أشعة من ضياء المسيح في غضبه الذي يتلألأ محبة”. فكان أن وصف ما يعتمل في العالم العربي والعالم لصديقيه، مؤكدا أننا “نعيش فترة انهدام شبه كينوني”، لكن أدونيس يبقى واثقا أن الأجيال الجديدة ستجد حلولا لمشكلات الضفة الشرقية من المتوسط وأن “بروميثيوس العربي سيقبض على جذر الداء”.
في ختام اللقاء، قدم الأب جلخ ريشة الجامعة الأنطونية الفضية إلى أدونيس، ثم تسلم الحاضرون نسخهم من كتاب “أدونيس: جمع بصيغة المفرد”، منشورات الجامعة الأنطونية، هدية وتذكارا من هذا اللقاء الحدث.