سجلوا عندكم

إلى مدينةِ الكلِّ واللاشيء، إلى “المدينة”، إلى نيويورك

Views: 41

د. كارولينا البعيني 

رَكَنْتُ فيكِ، فانْوَجَدْتُ رُكْنًا مِنْ ضِلْعِ الإنسانيةِ، يرتكِنُ دونَ هوادةٍ إلى البَيْنِيَّةِ المُتأرجِحَةِ بَيْنَ المادةِ والروحِ…

نَظَرْتُكِ، وعندما حَلَلْتِ اشتعَلَتِ الدّهشةُ فالْتَمَسْتُ عوضَ الدَّهشةِ براعمَ الانكماشِ…

تجوَّلْتُ في أعدادِكِ، فإذا بي “واحدٌ”، والآلافُ تتدفقُ فيكِ سيلاً مَغْمِيًّا، وواحِدي يَسْترِق هلعًا كثرةَ المغنَطَةِ التي تَجْعَلُ المشاةَ أرقامًا وتفقدُهُم التفرّدَ وجودًا…

عَدَدْتُ أرقامَكِ، فَلَمْ يَنْتَهِ العدُّ قبلَ أنْ يَحِلَّ نُعاسي، ولا الْتَأَمَ نُعاسي مع نومٍ يَنْتَظِرُ استكمالَ العدِّ لا الرُّقادِ…

جذبْتِني ساحرةً، فأَلفَيْتُ نفسي في اختبارِ السِّحْرِ والسَّحَرَةِ فالكذبِ والحقيقةِ…

تَخَيَّلْتُكِ فكرَةً عِملاقةً فوجدتُكِ سلسلةً مِنْ حلقاتٍ تُمَرِّنينَ بها مُقْلَتَيِّ الناظرِ إليها عَبْرَ شاشاتِكِ العابرةِ منذُ نعومةِ العينينِ إلى تكوُّنِ الأظافرِ…

لقد أيْقَظْتِني، أيْقظْتِ قلقي الوجوديِّ، ذاكَ الذي ما هَمَدَ يومًا على جُثّةِ بلادٍ تَأبى العيشَ إلا بِأُمرةِ الأسيادِ العبادِ.

أتَيْتُكِ والحُلمُ كبيرٌ، تركتُكِ والحُلمُ واقعٌ والموعدُ آتٍ لاستكمالِ الحُلمِ.

لكنّني، وإذْ صادقَتْ نفسي روحي عُنوةً، تَتَهافَتُ شِفاهي على حقيقةٍ ألِفَتْها ذاتي استنباشٍا عن ظهرِ قلبٍ في كياني المُنْغمِسِ بالإنسانيةِ…

أَدْهَشْتِني، أفْرَحْتِني، أخَفْتِني وطَبَعْتِ في نفسي معنى التمدنِّ الذي يَفْتَقِدُ أَواصِلَ الجَذرِويَبْني وِصالَ المدِّ…

فَتَشْتُ فيكِ عَنْ أُفُقِ المَغيبِ فَنَهَرَتْني الشَّمسُ إِذْ نَسِيَتْ فيكِ أنّها تَغيبُ، وأَكَبَّتْ على عَيْنايَ وُجْهَةَ التَّطَلُعِ نَحْوَ ناطحاتِ البَشَرِيّةِ…

أَيَّتُها المدينةُ التي، ما إنْ تراكِ عينٌ تَسْتَشْعِرُ الضَّوْءَ وَما إنْ تُغادركِ تُبْصِرُ…

(www.thenaturalresult.com)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *