سجلوا عندكم

التزلّف لإسرائيل

Views: 1144

خليل الخوري  

يجيءُ في سياقٍ طبيعي ما أعلنه، أمس، المرشح الرئاسي الأميركي عن الحزب الديموقراطي جو بايدن أنه سيُبقي على سفارة بلاده في القدس المحتلة ولن يُعيدها إلى تل أبيب التي نقلها منها الرئيس الجمهوري الحالي دونلد ترامب في واحدة من خطوات بارزة إتّخذها إسترضاءً للوبي اليهودي ذي التأثير الكبير في مجريات الحياتين المالية والسياسية في الولايات المتحدة.

خلال عهود رئاسية أميركية سابقة كُنا نسأل عن الغياب المُفجع للعرب وتأثيرهم في اللعبة السياسية الأميركية. أما منذ المعركة الرئاسية الأخيرة التي انتهت بفوز ترامب، فلم يعُد السؤال، مجرّد السؤال، مطروحاً إذ تفاقَم غياب الدور العربي قدر ما تعاظم، في المقابل، الدور اليهودي الصهيوني.

ويأتي كلام بايدن “طبيعياً” قياساً إلى مجريات الأحداث والتطورات و”الأسباب الموجبة”. فالمرشح الرئاسي، جمهورياً كان أو ديموقراطياً، تهُمّه مصلحته وهي لا تندرج في سلّم القيم الذي يلجأ إليه المرشحون، بين حين وآخر، في كلام معلوك وممجوج. فالقيم الأخلاقية والإنسانية والروحية ليست، أو لم تعد في الحقيقة، مدار أي إهتمام جدي في سياسة الولايات المتحدة الأميركية.

وفيما يصف المفكر السياسي نوكسمان المرشّح جو بايدن بأنه الصديق الصدوق لإسرائيل واليهود، بل “لا يوجد صديق حقيقي لليهود أكثر منه”، يأتي هذا المرشّح، وهو على عتبة عامه الثمانين ليؤكد على المؤكّد في مسار السياسة التي يزيدها رسوخاً الغياب العربي عن الحضور ولو في الحدّ الأدنى.

ولا يكتفي جوزيف “جو” روبيدنت بايدن الإبن بالتقرّب من إسرائيل واليهود وحسب، بل هو يشنّ الحملات يميناً ويساراً على المملكة العربية السعودية ويتهددها كما يتهدد ويتوعّد دولة الإمارات العربية المتحدة، مثلما ظهر منه في مناظرته الأخيرة مع منافسه الديمقراطي ساندروز، وهو الذي تصفه هيلاري كلينتون بأنه يستحقّ الدعم كونه “الأفضل” بين المرشحين جميعاً لقيادة الولايات المتحدة الأميركية في هذه المرحلة.

وقد نقلَت قناة CNN عن ترامب وصفه لبايدن باستخدام لفظة “النائم” إشارة إلى أنه في مرحلة عمريّة لا تسمح له بأن يكون يقظاً دائماً. ولكنه استيقظ خلال إحدى مراحل حملته الانتخابية داعياً ترامب إلى تخفيف العقوبات عن إيران لمواجهة فيروس كورونا.

تاريخياً، ثمّة إعتقاد بأن اليهود الأميركيين (ومن ورائهم إسرائيل) يميلون إلى الحزب الديموقراطي فتصبّ أكثرية أصوات ناخبيهم في مصلحة المرشّح الديموقراطي. وهو ما يتحسّس منه ترامب الذي يُجاهر بأن الديموقراطيين لا يُعطون إسرائيل إلا الكلام، بينما هم أي الجمهوريون يقدّمون الأفعال. وبلَغ الأمر بترامب حدّ القول “إن أي يهودي يصوّت للمرشح الديموقراطي هو إما جاهل تامّ وإما يرتكب الخيانة العظمى”.

فمن لا تستوقفه هذه المبالغة بأن يكون مرتكباً الخيانة العظمى الأميركي اليهودي الذي يصوّت لمرشّح أميركي ولكنه، في نظر ترامب، لا يخدُم إسرائيل.

أما بايدن، فيُثبت أنه هو أيضاً وربما أولاً، “سنكا طق” لإسرائيل.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *