من خواطر الحجر: مولود أيار (المطر)

د. يوسف عيد

أيها الجدول، عندما ألد طفلا ،سأحمله إليك، أغسله بدموعك الالماسية. أحيّك له قميصا من زهر الزيتون أبيض أكثر من الثلج، وأشمّ رائحة لحمه الطريّة. سأتركه على ضفّة باقة من النرجس والياسمين والورد والرياحين في حجري ،تحوم حوله فراشة ذات صدر أحمر، وإذا تعثّر في مشيته الاولى بعد مئة يوم من الانفراد ، ركضت إليه مجنونا،عصرته على صدري وقبّلته في عينيه. سأصنع من أغصان النخيل في حديقتي تيجانا له خضراء، وإذا درّ نهد السماء أرضعته من دون صراخ. سأغلّ يده الصغيرة الباردة بين نهدَيّ ليدفأ . وإذا طال المولود في حجره، سأعلّمه أن يكون نهرا ينجرّ في مجاري الفقراء ليسقي حنطتهم. سأعلّمه كيف يشعل الريح في شعره، وسأمسح شفتيه بالمحبة والنبل لتكون أنامله قطعة موسيقية خالدة في أذان الدهور.أهلا بك مولود حجر أيار ، وطابت رقةّ دموعك ، وحنينك المختلف.