جديد المستقبل
د. جان توما
ما لم تستطع فعله الثورة التقنيّة في تغيير مفاهيم الناس ووسائل تعبيرها خلال سنين، أتى الوباء وغيّر القوالب المتداولة الجامدة وبدّل فيها وحرّكها في شهرين.
تعمل إدارة الجامعات والمدارس الواعية اليوم على مواكبة التبدّلات الحاصلة بسرعة إذ لم تعد الجامعة مجرد منصّة للتعلّم، بل تذهب إلى أن تكون جامعة الاختراع ليكون الطلاب على مستوى تطوير قدراتهم الاحترافيّة ليكون التعلّم على مستوى تقديم مشاريع للابتكار والاختراع بعيدًا عن نظريات التلقين والتدوين والتكوين.
هذا يعني أنّ الجامعات والمدارس المستنيرة ماضية بخطى ثابتة نحو تطبيق مبدأ ” الجامعات والمدارس الذكيّة” المرتبطة بشبكات ومنصات تعلّمية تضع مشاريع محو الأمّية التكنولوجية على مستوى البلد او الأمّة. يوضح بعضهم أهمية الوحدة التكنولوجية التي تخترق الحدود ولا يستطيع أحد أن يوقفها في مواجهة عراقيل ناتجة من العمل على وحدة قوميّة أو عرقيّة أو دينيّة أو قبليّة.
راحت الماضويّة التقليديّة إلى المستقبليّة المتجدّدة، وها لجنة التربية اللبنانية تبدأ بدراسة ما كان محظورًا وصار مقبولًا وهو تشريع التعلّم عن بُعد ، ولو وفق شروط موضوعيًة حاليا، من باب عدم القدرة على التنقّل والظروف الماديّة، ولكن هل سيكتسح هذا التعليم المستقبل ويقدّم العلم للجميع وفق أوضاعهم الواقعيّة الموضوعيّة؟ في غياب الوجوه المباشرة والتعلّم بعفوية بعيدًا عن الاصطناع وراء الشاشة؟
هذا القادم المخيف يستدعي سرعة لا تسرّعا في توفير الدولة شبكات انترنت سريعة واعدة وقادرة، لتتمكّن من استيعاب ” الفورة” أو النهضة العلميّة التقنيّة القادمة، ما يعني دعم نشر آلات الكومبيوتر لكلّ طالب ، ومجانيّة الانترنت لكلّ مسجل في مؤسسة تعليميّة كي لا يبقى أحد خارج الحركة التعليميّة القادمة، شاء من شاء وأبى من أبى. هذه ثورة تقنّية تعليميّة قادمة، واقعًا مقوننا، ما يتطلّب مواكبة إيجابيّة لا مواجهة خاسرة مسبقًا.