سجلوا عندكم

في إعلامنا!

Views: 556

د.جهاد نعمان

لو أدركنا فائدة الاعلام الحقيقية، لهززنا ضمائر معظم الشعوب والامم، ولربحنا قضيتنا الوطنية الحيوية، من غير ان تراق نقطة واحدة من الدم اللبناني الزكي. ولكننا كثيرا ما اهملنا هذا الشأن الخطير، فكان نصيبنا الإخفاق والخذلان.

الاعلاميون في بلاد الناس يتحلون بسعة العلم، وسلامة الذوق، وبعد النظر ، قلما تشعر في البداية ما يبتغونه او لا يبتغنوه

في النهاية.يلمون بعقلية الجماهير على غير مبالغة ، وكذلك اتجاهاتهم الفنية، فتراهم يعدون كتاباتهم في عناية. ينبثقون من ثقافة صحيحة حية، ويرتكزون على معطيات دقيقة محكمة، تلائم ذوق الناس، وتوافق مبادئهم، وتجعلهم يصغون الى ما يبث امامهم، من اقوال واغان والحان، بكثير من الشغف والارتياح.

اما عندنا، فكثيرا ما تختلف الحال اختلافا كبيرا بينا، يدعو الى الاسف، ويثير في النفس الغرابة او هو يطوعها. ذلك اننا قلما نماشي في اعلامنا الفن الرفيع، وقلما نراعي الذوق السليم، ولا نتقيد بقاعدة التخصص، ولكن نترك امورنا فوضى، تتولاها ايد لم تتعود النظام الدقيق، وتسيرها افكار لم تتقو بانوار العلوم، ولم تستفد من تجارب الحياة. وحين نحاول ان نصنع شيئا، او نبدع جديدا، تاتي محاولتنا مرتجلة، لانها بنت الطفرة والعجلة، وشتان بين ما تنتجه في ضوء العلم والفن والبلاغة والمنطق الهادئ الرزين، وما تسلقه في كهوف الارتجال.

يملا اعلامنا الاسماع في معظم اوقات الليل والنهار، باغنيات سخيفة المعنى، مستوردة او سيئة الترجمة، يكثر فيها التكرار الممل والترديد السقيم، تحت ستار من المشاهد الباهرة على غير طائل. وفي كل اسبوع تسمعنا مغنية جديدة. وتطلع علينا بملحن ناشئ، ولو كان للفن يد تتحرك، لصفعت الاولى ولطمت الثاني، لأنهما يسيئان الى قدسية الفن، ويمزقان آذان الناس، بما يشبه الصفير والشهيق.

ليتجنب اعلامنا ما فيه من رطانة ونغولة وارتهان وسطحية وركاكة في التعبير لكي يتجلى فعلا لا السلطة الرابعة وحسب بل أيضًا السلطة المتقدمة على سواها، وفصل المقال في غير مجال وعلى غير صعيد.

***

(*) استاذ في المعهد العالي للدكتوراه

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *