المطران يوسف بشارة… كنيسة من أجل عالمنا
جورج سكاف
المطران يوسف بشارة الوديع المتواضع حمل الأمانة الكبرى وعالج المشاكل الصعبة بروح المحبة المسيحية العميقة، فجمع الأضداد ووفق بين المتخاصمين حتى إهراق الدم، من مختلف المناطق والطوائف والأحزاب، وجمع كل الأطراف في قرنة شهوان حول جوهر سيادة لبنان، ووحدة المواقف من العزة الوطنية وحرية الرأي بكرامة وإباء، وأطلقوا المواقف الجريئة والشجاعة.
جاء من منطقة متواضعة في لحف جبل ايطو حيث كانت هوايته تسلق الجبل الذي يطوق أعاليه الضباب حتى اذا ما فتح فيه الهواء العاصف كوة تظهر السماء زرقاء صافية، تراءى له انه يستمع الى سؤال:هل تحبّني؟ إرع خرافي.
نزل إلى الدير ليبدأ العمل في خدمة أبناء الله ليثبت انه يحب الله، وصرف كل وقته في الدرس والتعمق في فهم المسيحية، وصار من اكبر اللاهوتيين.
التقيته صدفة في بيت احد الأصدقاء الامير عبدالعزيز شهاب حيث كان يجتمع مع الرئيس اليسوعي الأب عبدالله داغر والدكتور جورج شدياق وسواهم يتكاثرون من أسبوع لأسبوع، للتداول في شؤون الكنيسة التي بدأت تفقد من جوهر الإيمان في احتفاليات وامور فولكلورية شاعت في البلدان الأجنبية.
أخذت الحركة اسم كنيسة من اجل عالمنا، وصار الأب يوسف في عظاته وفي الندوات التي يعقدها يتحدث بمحبة عن جوهر مسيحية تقوم على المحبة، ان تحب غيرك مثل نفسك.
ثم كانت المفاجأة الكبرى، عند انعقاد السينودس لانتخاب أساقفة جدد، وكانت الأجواء تراهن على اسماء كبرى متداولة وهي مطروحة ومرشحة من جماعات فاعلة، دينيا وسياسيا، وجاءت النتيجة بانتخاب اثنين لم يكن اي منهما مرشحًا او مطروحًا من اي جهة، فاز بالانتخاب المطران يوسف بشارة وبشارة الراعي، مما اثار استغراب الجميع ، وفسروا ذلك بانه وحي من كرسي رسولي.
في عهد البطريرك صفير المثلث الرحمات، وقد اشتد الصراع والنزاع بين مختلف المناطق وبين أبناء الطوائف المسيحية بنوع خاص، كلّف المطران يوسف بشارة بمحاولة جمع البين في أبرشية قرنة شهوان، فكان اللقاء الاول أشبه بمعجزة، جمع المتقاتلين تحت سقف واحد دون إمكانية لا السلام ولا المصافحة ولا المحادثة، وفي الاجتماعات اللاحقة زالت كل الحواجز، وصار البحث في مواقف موحدة وبيانات صريحة ، تعتبر الان الأسس الثابتة في اعادة بناء لبنان الجديد الحر السيد المستقل.
كما كان المطران يوسف بشارة صاحب رسالة في حركة “كنيسة من اجل عالمنا” وقد كرست جوهر المحبة المسيحية في حياتنا العامة، بين مختلف الطوائف والمجتمعات والشعوب، فقد جعل من لقاءات قرنة شهوان، إطار وحدة وطنية، تشمل مختلف الطوائف والمناطق يبنى عليه في تطبيق دستور، بكل مواده وتحديد سلطاته وصلاحيات مؤسساته، لبنان يغيب عنه في الذكرى المئوية لإعلان دولة لبنان الكبير ، وهو يشكو من عدم تطبيق حتى المادة الاولى من الدستور، وبقامات وطنية مثل البطريرك الياس الحويك والمطران يوسف بشارة وسواهم سيقوم لبنان الذي ارسوا أسسه.