في التّجريب الصحفيّ

Views: 990

محمّد خريّف*

لم أمارس العمل الصّحفيّ من باب الاحتراف وإنّما كان ذلك من باب الفضول قبل أن أدرك في ما بعد أنّ ما فعلته لم يكن إلا من باب الطيش الطفولي لا غيرذلك الطيش الذي رافقني زمن المراهقة والكهولة، هو طيش بدأ مع سماع حكايات جدي و شغفي بقراءة قراطيس الشاي مذ تعلمت في المدرسة الابتدائيّة المختلطة بمنزل حرّ التمييزيين الحروف والقدرة على قراءة الجمل.

ازداد ولعي بمجلة كان يأتي بها ابن عمّة لأبي إلى بيت جدّي ببئر السّواني ولعله يأتي ليتصفحها دون أن يقرأها ليبرهن على أنّه يتميّز عن بقيّة الساهرين بما ربحه من الخدمة العسكريّة في رماده، وان كان سرعان ما ينصرف عن المجلّة إلى أمور أخرى تشغل الحاضرين ولا علاقة لها بالمجلّة التي  لا يعرف أحد من الحاضرين عنها شيئا غير ألوان صفحاتها، منذ ذلك الوقت .بدأت أتطلّع  إلى مطالعة قراطيس الشاي تم الصحف والمجلات وساقني الشره إلى الحلم بالكتابة فيها  لاسيما حين نهرني رجل مسن من قريتي و أظنه شيخ تراب إلى جانب كونه رئيس شعبة دستورية أن أدع قراءة الجرائد لغيري ولم أشك في أنّه يعني قريبا له كان معنا في ذلك مخزن تكدّست فيه صحف الحزب الحاكم في ذلك الوقت دون أن يتصفحها احد وان كان رئيس الشعبة الذي كان يحرصها ويجعلها حكرا على أتباعه من المنخرطين في الشعبة لغاية في نفس يعقوب في بداية النصف الثاني من خمسينات القرن الماضي.

كنت كلما عثرت على ورقة من صحيفة قرأتها هِمْت بصُور الراقصات والفنّانات أو الممثلات  المصريات واللبنانيات الشهيرات التي كنا نعثر عليها داخل علب الشينقوم التي كنا نقتنيها من عطار القرية مقابل بعض الفرنكات ….

أحببت ذلك الزمن زمن التشوّف إلى حلاوة الشينقوم مفعمة بمرارة الحرمان من جمال صورالعيون والنّهود شبه العارية.

يستهويني في المدرسة الابتدائية المختلطة بمنزل حرّما نردّده من قصائد فيكتور هيقووأبي البقاءالرندي كما يغريني ما يفجأنا به المديرمن قصائد تصله عن طريق بوستاجي القرية أنذاك من قصائد مصطفى خريّف ,اذكر منها قصيدة حول حقوق الرجل. 

الشغف بالمنشورات كان يلاحقني بدءا من نتيجة نجاحي في السيزيام المنشورة وقتها في صحيفة الصباح  ،الا أن إشكالا كان يلحق بلقبي ويرسم في بطاقة الحالة المدنية “الخريف” فمرّة يسقط بتمامه وكماله كما هو الحال في مناظرة السيزيام أو تتحول الرّاء إلى زاي فيبقى منه محمد بن محمد أو يتحول الخريّف إلى كريفة أو إلى الخزف كما حصل الأمرلي في ديبلوم الشهادة الابتدائية أو في مناظرة السيزيام. 

هذا الإشكال في رسم اللقب  يجعلني كما يجعل أبي حمّة الكرارطي يصير في مابعد سائق جرّار أمريكاني الصنع حائرا لا نعرف بالضبط أأنا المعني بالنجاح أم غير إلى أن تأكدت من الأمر حين وجهت إلى ثانوية ابن رشد ب10 نهج بن عبد الله تونس العاصمة.

في المدرسة السليمانية حيث كنت أقيم مع زميل يدرس في ابن شرف وهو من جهة سوق الأربعاء اهتديت بواسطة تلفيقة قام بها بواسطة السكوتش حيث أخذ من كتاب النصوص آنذاك لقب خريف من مصطفى وأضافه إلى اسمي محمد كما فعل باسمه ولقبه ومنذ ذلك الوقت لزمني الاسم واللقب وصار علامة مميزة لي  به تحديّت وهما ظننت أنّ سببه عقبة لقب “الخريف” المربكة حسب ما ورد في مضمون الولادة حسب اجتهاد ضابط الحالة المدنيّة وأظنه شيخ من شيوخ القرية في عهد البايات زمن الحماية الفرنساوية،حيث ترك اللقب دون  تنقيط ولا اعجام فلا يفرق المرء بين الخريّف والخريف.

(يتبع…..) 

***

(*) كاتب من تونس

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *