أشياءٌ ما تحصل بلحظات …
آنا ماريا أنطون
-1-
هنالك فجوةٌ بداخلي لا تُردَم مهما حاولت
تبتلعُ كلَّ ما أرمي فيها
تُخفي كلَّ محاولاتي كثقبٍ أسود…
هنالك فراغٌ مُزدحمٌ في صدري
لا يمتلئُ مهما جرَّبت
يردُّ بالصّدى كلَّ أشيائي…
هنالك هُوَّةٌ شاهقةٌ في روحي
من رمالٍ مُتحرِّكة واشتعالٍ وغرق…
وكأنّني أحدُ المباني المليئة بثقوبِ حربٍ لا يذكرها أحد!
-2-
لم يعد الإحساسُ صفةً أملكها بل هو شللٌ يُصيبني غالبًا…
كانقطاعِ تيارٍ يُعطِّلُ وظيفتي البشرية، كحكمِ جمادٍ على جسدي، كغيبوبةٍ لا تمييز فيها بين الوعي واللاوعي، كنسيانٍ مُزمنٍ لكلِّ ما يعنيني!
فيتضاعفُ الشعورُ بما لا يُرَى… بحركةِ دوران الأرض، بثِقْلِ الغبار في الهواء، بنِسَبِ الغازات في الفضاء، بارتحالِ جُزئياتِ الضوء، بتشكُّلِ النّدى وتآكُلِ الظلال!
-3-
تأتي لحظة تشعرُ فيها أنّكَ يجب أن تتغيّر، أنَّ تلكَ المراوغة لم تعد تُجدي، وأنَّ الهروبَ لم يعد يكفي… ذلك التجاهل الخبيث والتأجيل الكسول لم ينفعا يومًا بل لطالما ضاعفا منسوب الغرق!
تكتشفُ فجأةً أنّكَ لا بدَّ أن تكبر، لا يمكن أن تُطيلَ الطفولة أكثر… لم تعد قصّاتُ الشعر تلك تُناسبُ عمركَ ولا حقائبُ الصفوف تليقُ بقراءاتكَ… حتّى سندريللا خلعت حذاءَها الزجاجي وأنتَ ما زلتَ ترتدي الصوت الصغير وتبري أقلام التلوين!
حان الوقتُ كي تنزعَ القفّازات وتتحسَّسَ دمَكَ باللحم الحيّ… حان الوقتُ كي تهبطَ إلى ذلك القَبْوِ المهجور دون لمبات احتياط… حان الوقتُ كي تفلتَ يدَ الملاك المُنافِق وتواجهَ شياطينكَ ليلًا بعد ليل!