سجلوا عندكم

الدكتور سعدي ضناوي: الأديب والعالم اللغوي[1]

Views: 1808

ماجد الدرويش

لما كان الأَدبُ يَقَع على كل رِيَاضَةٍ مَحْمُودَةٍ يَتَخَرَّجُ بهَا الإِنسانُ فِي فَضيلَة من الفَضَائِلِ، ولما كان «الأَديبُ من النَّاس» إنما «سُمّيَ بِهِ لأَنه يَأْدِبُ الناسَ – أي يدعوهم – إِلى المـَحَامِدِ وَيَنْهَاهُمْ عَن الـمَقَابِحِ»، فإنني أكاد أجزم بأن الدكتور الأديب سعدي ضناوي (أبا نبيل) قد جُبل على الفضائل جبلا منذ نعومة أظفاره، وأن استعماله للمحامد كان سجيةً وطبعا، وكان بسلوكه الراقي هذا يأْدِبُ أهله ومن حوله إلى التحلي بالمكارم.

وإذا كان الأدبُ: تَعْظِيمَ مَنْ فوقَك والرِّفْقَ بمَن دُونَكَ، فإن هذا المعنى خير من يتمثل به هو الأستاذ أبو نبيل، وهكذا كان بالنسبة لنا نحن أبناء عائلتينا النسيبتين من كل الجهات: موقِّرا للكبير، حانيًا على الصغير، أخًا شفوقا، وأستاذا موجها، وراعيًا لشؤون الجميع دون استثناء.

مسيرة حياته العلمية حافلة، تنقل فيها بين المدارس والمعاهد والجامعات: معلما، وناظرا، ومديرا، ومشرفا تربويا، وهي على طول مداها لن يجد مقتفيها له موقفا قال عنه في نفسه: ليته لم يقفه، أو كلمة قال فيها: ليته لم يقلها؟ إنه حُسن التناول، بل هو أدب النفس والدرس.

د. سعدي ضناوي

 

هذه الشخصية الهادئة جدا، والإنسانية جدا، والعاقلة جدا، والجِديةُ جدا،انعكست على سائر حياته وأعماله التي كانت كلها في خدمة اللغة الأم  (العربية)، فاستحق بذلك لقب الأديب على المصطلح المولَّد في الإسلام، حتى بتنا نرى كتبه  تُتخذ إماما، وبخاصة معجمه المفصل في المعرب والدخيل، حيث كتب أحد الباحثين في هذا المضمارقائلا:

«وقداعتمدت إلى حدٍّ كبير في إنجاز ما صنعت على كتاب الدكتور سعدي ضناوي» ،بل أكثر من ذلك، وجدنا بعض المواقع ودور النشر يستنجدون باسمه على منشوراتهم لترويجها وهولايدري.

وإذا نظرنا في دواوين الشعر التسعة التي حققها ونشرها مشروحة ،أو إلى المعاجم الأربعة التي أعد ثلاثة منها، واشترك برابعها مع أستاذنا اللوذعي الدكتور أحمد الحمصي حفظه الله، ثم عطفنا على موسوعة هارون الرشيد الأدبية، أدركنا مدى الجهد الذي بذله في خدمة لغته الأم، العربية.

وإن كانت الصحراء قد تركت أثرها على الشعر الجاهلي فحملت الدكتور سعدي على ملاحظتها وتدوينها، فإن المكارم قد حطت رحالها عنده، فحملت أصدقاءه وأبناءه وعارفيه على الاعتراف له بكل ماسبق من خلال هذا الحفل الكبير بمعناه ومبناه، المهيبب الحضور النوعي الراقي، الذي تشكرعليه جامعة الجنان.

ورحم الله تعالى الإمام الشافعي القائل: الحر من راعى وداد لحظة، وانتسب لمن أفاده لفظة.

***

[1] – جزء من الكلمة التي كُلِّفت من قبل جامعة الجنان – طرابلس، بإعدادها تكريما له في الحفل الذي أقامته الجامعة تكريما لثلة من أعلام اللغة العربية في شمال لبنان بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *