“رباعية بيروت” لفارس الحرموني المهجري… أحبك بيروت
شوقي أبي شقرا
اللغة العربية دقائقها ولها في المسافات من عندها الى الاخر ومن الاخر الى جنائنها، والى احضانها. وهناك حولها وحواليها تلك الثقافة التي نهضت من الاسفل من القواعد الى الاعلى والى ذلك الفضاء حيث الشراع يحاذي البحر، وحسث الامواج الفكرية والتقاليد والالوان تتماذج، وهكذا تلك الحضارة. نحن في خضمها و في لملمة ثمارها من فوق في كثافة الاغصان ومن حيث الاسس والوجوه والوجنات ذوات العافية. كما تلك الجاذبية حيث العمر والمدى والحركة، وحيث جنة الشباب وجنة المسنين والذين يذوقون، وما زالوا، ذلك الرحيق منذ الجذور الى كل مجال والى كل موقع ثم يحتوي النضارة وحرارة الرؤيا واحلى استقبال.
وفارس الحرموني المهجري على هذه الصهوة من المعرفة ومن الكتابة في شتى الموضوعات وفي مختلف المراحل. وهو ليس وحيدا وليس وحده من يأتي ومن يزور ومن يخلق من الضعف روح القوة ويبث الكلمة شوق المشتاق ونعمة النعيم والوردة الى جانب الاشواك.
وامثاله من الشخصيات النابع وجودها من التراث المشرقي والمدى العربي، تحفل بهم كل صفحة من الكثافة ذات التعبير المطلق وتلك الروايات وتلك القصائد وتلك العلامات. بل نقول تلك الاناقة الكثيفة التي تنوجد كيفما تقلبت الاحوال و كيفما سارت الرؤى والموضوعات نحو اي مجال ونحو اي قضية.
وفارس الحرموني المهجري له هواه، له بيروت التي يراها انها له، وانها فيما يقدمه اليها من اناشيد، تلين صورتها السابقة وموقعها فيما بعد، فيما يلي جملة المصائب من قبل وما يلي تلبت ايضا له وكأنها الروح التي لا تذوي. والقطرة في عينها اليسرى وفي عينها اليمنى كلتاهما من النوع الطيب والجميل ومن القماشة التي يحيها هو والتي ما زال يرتديها ايمانا من عنده بانها الالذ وانها تلك الحبيبة التي طالما منحته طيب المكان وطيب العيش وطيب الاقامة.
ولا ينسى فارس الحرموني المهجري في كتابه” رباعية بيروت”-اناشيد- الصادر عن دارنلسن في بيروت، انه في حرفة الكتابة يسير على حماسة من اجل عاصمة لبنان، وعلى انها له هي المأل وهي الصوت وهي الصدى. وهي كأنها تسمع صراخه حين حدث ذلك الانفجار في مرفأها، مع سائر الناس، مع سائر الشخصيات وسائر القوم. ونراه يقول لمن الى جواره، والى الجميع من المواطنين الى غيرهم، انه يقدم ريع كتابه الى العاصمة المثقلة بالاوجاع والتي ايضا تضمد ذوي الحاجة عبر كل اللبنانيين، وفي الطليعة هو. وانه يذكر احياءها ومعالمها وعلاماتها ولا سيما مار مخايل.
وهكذا نصغي اليه، ونظل نفعل لانه الصادق، ومن كان على هذه الارومة على هذه الوتيرة الملهمة، نصفق له ودمعة فرح تهبط الى الارض.
صراخ لبيروت لتسمعه وكلنا نصرخ معه انهضي بيروث