بالفن تحدى الفناء
سهيل مطر
إنه زمن الانكسار والوجع.
الدموع أوسع من العيون. ولكن، من أين نأتي بالمناديل؟
نبكي؟ ولمَ لا… لعلّ في الدموع، بعض الحياة.
الياس الرحباني، أنهى رحلة، وبدأ رحلة جديدة. انتهى التاريخ فأطلّت الأحلام…
يوم كان-ما أوجع الفعل الماضي- كان يجلس إلى البيانو، وكنا نتسابق لنقول: كونوا في سكوت أيّها السامعون…
أما اليوم، ما أرهبها ساعة، وهو الصامت الغائب حتى المستحيل.
كلّ الكلمات صغيرة، كل الحروف أكاليل ورد ودموع سجينة. ومنه، اليوم، اعتذر مرّتين:
مرّة لأني انتظرت غيابه لأقول فيه كلمة حقّ، أنا المسكون بجمال عزفه وبرقي طلته، والمسافر مع أصابعه إلى حد ىالحلم العاشق السكران…
ومرّة ثانية ، لأن الحزن الكبير لا يليق به لا الصمت الكبير.
يوم يصبح بعض الكلام أفاعيًا وسمومًا وشتائم، يوم تتساقط الحلام، كأوراق تشرين، يوم تتحطم الأجنة، يلملم الفنان بقايا جسده، كالياس، وينطوي على ذاته، بصمت ويغادر على مهل، دون أيّة كلمة.
الياس انسحب إلى الظل، راقيًا، رقيقًا، رائقًا، ارتحل نقيًّا كما بسمة طفل، وترفّعًا كما الصلاة، باسمًا ككأس نبيذ، وهادئًا على خدر وأناقة نبيلة مميّزة.
بأصابعه علمنا الياس، كيف يكون المبدع أميرًا.
بالفن تحدى الياس الفناء.
لن يغيب اسم ولّد أبجديّة حب، وكتب حبّه على إيقاعات الحريّة والطفولة والجمال.
4/ 1/ 2021