Fresh Money
خليل الخوري
خطف فيروس كورونا الإهتمام كلياً من سائر الأزمات الخانقة التي تشدّ على أعناق اللبنانيين، في وقتٍ «تغلي» الأرض تحت الأقدام بسبب الضائقة الإقتصادية – الإجتماعية التي بلغَت حداً لا يُطاق.
هذه الملاحظة لا تعني بأي حال من الأحوال التقليل من أهمية وخطورة الجائحة وسطوتها التي دخلَت بيوت اللبنانيين كلها تقريباً، ولكنها تلفت الإهتمام والإنتباه إلى أنّ الجوع الذي يغرز أنيابه في الناس هو حقيقةٌ صارِخة في وجه المسؤولين الذين لم يجِدوا، حتى الآن، الحلول المعقولة ولو بالحدّ الأدنى، إن لم تكن القادِرة على مواجهة الأزمات، فأقلّه من أجل تخفيفها.
أصلاً البلد مكربج كلياً، إذ يكتفي المسؤولون في السلطة وخارجها بإمطارنا بسيول البيانات والتصريحات التي لا تُشبِع الجائع ولا تروي العطشان، ولا توقف إنهياراً يدوّخ اللبنانيين بسرعة إنحداره.
ويتوافق هذا مع إهمالٍ يجب بالضرورة وقفه بأي طريقة كانت. وثمّة أسئلة في هذا المجال تطرح ذاتها عن عدم تشغيل بعض المستشفيات الميدانية المقدَّمة من دول عربيّة، وهي بكامل تجهيزاتها، ومع ذلك تبقى طيّ المخازن و… النسيان.
في هذا السياق يمكن الكلام على المستشفى الإماراتي وغيره كذلك وأجهزة التنفس الصناعي القطريّة المكدَّسة بدورها في المخزن. وأيضاً القرارات المُتّخذة في شان الدولار الطالبي، وتلك ذات الصلة بمراقبة التهريب عبر الحدود. ولا يفوتنا ذكر سوق الصرف السوداء، التي يتجاوز إرتفاعها غير المبرَّر الواقع والمعادلة الصحيحة و… الأخلاق أيضاً.
وأما المواطن الذي يُعاني من هذا الحال المرّة، فهو كالخشبة تحت المنشار الذي يفرمها طلوعاً ونزولاً، خصوصاً في المجال المالي. فإضافة إلى الفارق الكبير بين سعر الدولار بالعملة الوطنية وسعره الذي يشتري به المستهلك إحتياجاته تُصبح المرتّبات والتعويضات عند حدود الصفر على الشمال.
يحضرني، في هذا المجال، ما حدث قبل أيام مع صاحب متجر أجّره، قبل سنوات، بالدولار من أحدهم على أن يتقاضى منه بدل الإيجار بالعملة الخضراء في نهاية كلّ سنة. العام الماضي وهذا العام أصرّ المستأجِر على أن يدفع باللبناني على سعر 1.500 ل.ل. ولم يشفع بالمؤجّر أن يعترض. وعندما احتاج هذا المؤجّر إلى بعض الأدوات الصحيّة، قصَد المستأجِر كونه إستخدم المحلّ لهذا الغرض، على قاعدة «الأقربون أولى بالمعروف» فطلَب منه 8,800 ليرة للدولار الواحد أو بنك نوت وFresh Money.
فهل يُعقل هذا؟