فؤاد حبيش… فارس السيف والقلم

Views: 36

وفيق غريزي

اسم لمع في سماء الادب والصحافة، متعدد المواهب الثقافية، فقد كتب في مجالات مختلفة من الأدب الى الفن والفكر، الى الفلسفة والسياسة، وفي كل ما كتب كان من المبرزين. فمن هو هذا المبدع؟ انه الشيخ فؤاد حبيش الذي اعطى للحضارة العربية الكثير الكثير من دون منّة ومن دون كسل…

سيرة حياته

من هو الشيخ فؤاد حبيش؟ سؤال يطرحه الجيل الجديد الذي جرفه تيار التغريب عن تراثه وجذوره.

ولد فؤاد حبيش في بلدة غزير العام ١٩٠٤، وتلقّى مبادىء القراءة والكتابة في مدرسة القرية، ثم في مدرسة الحكمة، وانتقل منها الى مصر، حيث اكمل دروسه في المدرستين المارونية، والعلمانية الفرنسية. عاد الى لبنان من مصر، منصرفًا الى الدرس والمطالعة، وبعد فترة قصيرة توجه الى دمشق ودخل المدرسة الحربية وتابع برامجها مدة سنتين وتخرج بعدها برتبة ملازم (ضابط) واثر عودته انصرف كليا الى الادب والصحافة وقد كتب في صحف ومجلات عديدة هي: الارز، الشمس، الشبيبة، المعرض، منيرفا، الاحرار المصوّرة، الراية، بيبلوس، الصحافي التائه، النداء، الاتحاد اللبناني، العهد الجديد والنهار.

خلال توليه مجلة “المعرض” انشأ “عصبة العشرة” التي ضمّت اربعة ادباء هم: فؤاد حبيش، ميشال ابو شهلا، خليل تقي الدين، والشاعر الياس ابو شبكة، ثم انضم اليها تباعا نزيه لحود، والمؤرخ يوسف ابراهيم يزبك والروائي توفيق يوسف عوّاد. وانشأ بعد ذلك مجلة “المكشوف”. (www.ewea.org) وفي العام ١٩٣٦ انشأ “دار المكشوف” واستمر في ادارتها حتى وفاته في الثامن من شباط العام ١٩٧٢.

ابرز مميزات فؤاد حبيش انه نهضوي في الأدب والفن والثقافة، بعث تراثا فكريا – حضاريا وكان راقدا تحت رواسب عصور الانحطاط. وكان من شدة حرصه على الأدب والفكر، يعتبر أي غلطة لغوية لطخة في ثوب عروس، ويصيح كيف يكون الفكر جميلا اذا كان التعبير عنه دميما؟ وللاستزادة في المعلومات عن فؤاد حبيش، امدنا بها ابنه هادي فؤاد حبيش، وكانت معلومات مفيدة جدا…

 

بدايات عمله في الصحافة

الشيخ فؤاد حبيش من اوائل الاعلاميين الذين ساهموا في انماء النهضة الاعلامية والثقافية العربية عبر مجلته “المكشوف” وقد كانت بدايته كصحافي قبل تاًسيس “المكشوف” عندما كان ضابطًا في الجيش الفرنسي في مدينة “حماه” السورية، وقد اثارت مقالاته في جريدة “الاحرار” وغيرها ضجة كبيرة في الاوساط الادبية والسياسية، وبعد مدّة استقال من الجيش وعاد الى لبنان للعمل في تحرير جريدة “الراية” ليوسف السودا، ثم تسلّم رئاسة تحرير مجلة “المعرض” لميشال شيحا زكور، وفي العام ١٩٣٥ اسس مجلة “المكشوف” واطلق عليها اسم المكشوف لانها هدفت الى الحقيقة عارية من كل زيف وتمويه.

مجلة المكشوف، كما يقول محمد عيتاني، بلورت المنطلقات والمرتكزات الاساسية للأدب اللبناني الأصيل، المتجه نحو الواقعية، لأنها كانت تريد أن تستوحي من ناس لبنان وطبيعته وعلاقاته مع اشقائه العرب ادبا اصيلا، ناهضا واقعي المحتوى، بصورة عامة، وبرزت على صفحاتها اتجاهات عديدة، كاتجاه سعيد عقل الرمزي وغيره.

 وتساوت المكشوف مع شقيقتها في مصر مجلة “الرسالة” لـ احمد حسن الزيًات و”الثقافة” لـ احمد امين، وضمّت المكشوف نخبة من الاقلام الناشئة من اصحاب هذه الاقلام: خليل تقي الدين، سعيد عقل، صلاح لبكي، عمر فاخوري، الياس ابو شبكة، رئيف خوري، عبد اللطيف شرارة، جورج مصروعة، سليم حيدر وجورج جرداق. اما دار المكشوف فقد استهلّت نشاطها بنشر مجموعة قصصية لتوفيق يوسف عوّاد تحت عنوان “الصبي الاعرج”، وكتب لمخاييل نعيمة، والكثير من نتاج خليل تقي الدين واحمد مكي ويوسف غصوب وصلاح لبكي، ورئيف خوري، حتى باتت الدار وصاحبها مقصدا للادباء من كل مكان، يلقون امامهما عصارة ادمغتهم ودماء قلوبهم…

 

 محطات في حياته

فؤاد حبيش اديب غريب الاطوار، وطني حتى نخاع العظم، من اهم المحطات في حياته كانت اعلان استقلال لبنان، انها المحطة الاهم، بسبب تعلقه بهذه الارض بشكلٍ لم نجد مثله ابدا. وكان يعلّم ابنه هادي حين كان صغيرا الاشعار التي تتحدث عن عظمة لبنان، ومنها هذه الابيات: ” اخلع نعالك قبل دوس ترابه/فتراب لبنان رفات رجاله”، واجمل الاغاني التي تطربه هي النشيد الوطني. وكان فؤاد حبيش يشدد على عزّة النفس، صادقا، لم يكذب في حياته حتى كذبة بيضاء، لانه يعتبر الكاذب اسوأ خلق الله…

موروثاته المادية والمعنوية وامانيه

 اورث فؤاد حبيش اسرته الثقة بلبنان وبوحدته، واحترام الصداقة، والصدق والاستقامة والمروءة، وحب العمل حتى التفاني في مهنة شريفة، بل هي الشرف المجسّد.

 وقبل رحيله كان يحلم بانشاء مكتبة في كل قرية من قرى لبنان، لزرع الثقافة بين المواطنين، لأنه كان يؤمن بأن عظمة الدولة من عظمة شعبها.

الشيخ فؤاد حبيش لم يعط حقه اسوة بالعديد من مبدعي لبنان…

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *