اللامساواة سبب الانهيار الاقتصادي

Views: 794

حسن عجمي

 

   تتعدّد أسباب الانهيار الاقتصادي ولكن سببه الأساس هو اللامساواة. لذا احترام الحقوق الإنسانية كاحترام المساواة الاجتماعية والاقتصادية مصدر بناء اقتصاد مزدهر يحتِّم نشوء النهضة الحضارية.

   يُقاس مدى قوة أو ضعف الاقتصاد بعوامل عديدة منها عامل القوة الشرائية فإن كان الاستهلاك أقل تراجع الاقتصاد وإن كان الاستهلاك أكثر إزدهر الاقتصاد. لكن اللامساواة الاجتماعية والاقتصادية تؤدي لا محالة إلى تضاؤل القوة الشرائية لدى الأفراد الذين دخلهم أقل من الآخرين. وبذلك اللامساواة الاقتصادية والاجتماعية تحتِّم نشوء اقتصاد ضعيف فإن ازداد التفاوت بين الفقراء والأغنياء إنهار الاقتصاد. هكذا اللامساواة هي السبب الأساسي لانهيار الاقتصاد. وبذلك الحلّ الناجح لاستعادة اقتصاد قوي يكمن في تحقيق المساواة الاقتصادية والاجتماعية وذلك بالثورة على الأنظمة السياسية غير المراعية للمساواة وبناء أنظمة معتمدة على الحقوق الإنسانية كحق المواطنين بالمساواة الاجتماعية والاقتصادية.

 

   إن زالت المساواة فحينئذٍ تزول الحرية أيضاً. هذا لأنَّ الأفراد الذين لا يملكون موارد اقتصادية متساوية أو شبه متساوية مع الآخرين سوف يصبحون سجناء مواردهم القليلة ما يقتل حريتهم في التصرّف كيفما يريدون. فمَن يملك أقل مُقيَّد بقِلة ما يملك ما يُسبِّب اغتيال حريته. من هنا، بما أنَّ اللامساواة الاقتصادية والاجتماعية تؤدي إلى زوال الحرية، وعلماً بأنَّه بلا حرية لا يتمكّن الفرد من الإنتاج المُستقِل أو إنجاز ما هو مُبتكَر بسبب فقدانه للحرية، ولا اقتصاد سليم بلا إنتاج وإنجاز، إذن اللامساواة تؤسِّس للانهيار الاقتصادي. لذلك السبيل الصحيح نحو تحقيق اقتصاد مزدهر يكمن في تحقيق المساواة الاقتصادية والاجتماعية.

   كل هذا يرينا أنَّ الاقتصاد يزدهر ويتطوّر بتطوّر الحقوق الإنسانية وسيادتها كسيادة المساواة الاقتصادية وسيادة الحريات. وهذا يُفسِّر لماذا الدول التي لا تراعي الحقوق الإنسانية متخلّفة اقتصادياً فاجتماعياً وثقافياً بينما الدول التي تراعي الحقوق الإنسانية متطوّرة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً. إن كانت الحقوق كالمساواة والحرية تبني اقتصاداً قوياً فإذن من المتوقع أنَّ الدول التي تفتقد لتلك الحقوق تفتقد أيضاً لاقتصاد قوي. من هنا، لا تتحقق نهضة اقتصادية فاجتماعية وثقافية بلا سيادة الحقوق الإنسانية. المساواة والحريات أسس بناء الدول والشعوب وانتصاراتها.

   تؤدي اللامساواة أيضاً إلى التفاوت في المعارف والخبرات والقدرات الإنتاجية ما يُسبِّب بإضعاف الاقتصاد فيُؤسِّس للانهيار الاقتصادي. فحين لا يتساوى الناس فيما يمتلكون من موارد سوف يخسرون فُرَص الحصول على معارف وخبرات وقدرات إنتاجية متساوية وضرورية لبناء اقتصاد مزدهر ومجتمع قوي البنية وبذلك سوف يفشلون في إنشاء دولة سليمة فيخسرون بذلك أيضاً فُرَص السلام الأهلي. من هنا، اللامساواة سبب الانهيار الاقتصادي والحضاري معاً.

 

   كما أنَّ اللامساواة تُسبِّب الفساد الذي يُحتِّم الانهيار الاقتصادي والأخلاقي والحضاري. فعندما لا يتساوى الناس أمام القانون وفي الفُرَص ولا يتساوون اقتصادياً واجتماعياً يستغل الأغنياء القوانين غير العادلة لإثراء أنفسهم وإفقار غيرهم ما يدفع أيضاً بالأقل حظاً اقتصادياً واجتماعياً إلى بيع أنفسهم وأدوارهم الوظيفية لخدمة مصالحهم الشخصية وإن قلّت. هكذا اللامساواة صانعة الفساد المُؤسِّس للانهيار.

   أما الشركات والمؤسسات والدول فمبنية على اللامساواة فثمة موظف درجة أولى وموظف درجة ثانية وثالثة. وبذلك مع نشوء الأزمات كأزمة فيروس كورونا يُستغنَى عن موظفي الدرجات الدنيا ما يُسبِّب بانهيار اقتصادي. من هنا، الأزمات الطبيعية كأزمة الفيروس ليست السبب الجوهري لانهيار الاقتصاد بل السبب الأساسي للانهيار الاقتصادي هو اللامساواة. على ضوء كل هذه الاعتبارات، أيّ نظام ديكتاتوري مصيره الانهيار كالأنظمة الديكتاتورية العربية والنظام الإسرائيلي الديكتاتوري بعنصريته والنظام اللبناني الديكتاتوري بطائفيته. فبما أنَّ النظام الديكتاتوري قائم على اللامساواة وقمع الحريات التي تحتِّم معاً الانهيار الاقتصادي فالحضاري، إذن كل نظام ديكتاتوري مصيره الانهيار والزوال.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *