ماركة لبنانية مسجلة
خليل الخوري
كان اللقاء مميزاً ومفيداً مع الشاب اللبناني الذي يعدّ الأطروحة ليقدمها الى الجامعة الفرنسية، ذائعة الصيت عالمياً، وهي رسالة سينال عليها درجة الدكتوراه في علم السياسة، وسيناقشها أمام كوكبة من كبار الأساتذة العلماء، وبينهم أحد فلاسفة السياسة.
كان أساتذة الشاب قد وافقوه على أن يختار الوضع السياسي في لبنان موضوعاً عاماً للأطروحة، على أن ينطلق منه لتحديد المفصل، في السياسة اللبنانية عموماً، الذي سيشكل العمود الفقري لبحثه.
قصد الشاب بعضاً من أصدقاء والده، السفير المتقاعد، ليستفيد من خبراتهم، واختارني بينهم… فعقدنا لقاءات عدة كان دوري فيها الاجابة على عشرات الأسئلة التي طرحها علي، والتي تكشفت عن منهجية علمية يملكها هذا الشاب الواعد.
كان يسجل الأجوبة على الجهاز، وفي الوقت ذاته يدوّن خطياً ملاحظات إما لكي يستوضح نقطة ما، أو ليستزيد في سواها.
بعدما انتهينا، في اليوم الخامس، أبلغ إلي أنه سيذكر، في فصل خاص، أسماء الذين استند الى معلوماتهم في بحثه، كما درجت العادة وكما يقتضي واجب الأمانة العلمية، الى جانب المراجع… ثم استأذنني في أن يعود إلي بعد أسبوع لنراجع ما استفاد من المعلومات التي زودته إياها.
وهكذا كان.
ولم يفاجئني عندما قال لي: لقد تبينتُ أن ثمة عنصراً أساساً في المشهد السياسي اللبناني، نتفرد به، وهو النكاية والأحلام!
وأردف قائلاً: من خلال بحثي لمستُ أن المواقف السياسية في لبنان ليست مبنية على الأفعال، إنما على ردود الأفعال… وأن العنصر الأول فيها هو النكايات والأحقاد… وأنه صحيح جداً ما قرأته لك، في مراجعتي لسيل من مقالاتك اليومية، خصوصاً منذ نحو خمس عشرة سنة حتى اليوم أن الجميع ينتظر الجميع على الكوع، كما تقول في غير مقال، ليوقع به، أو ليحاول تفشيله الخ… ولكنني لم أقع على سياسي لبناني واحد يجد إيجابية لدى السياسي الآخر ليبنيا عليها موقفاً موحداً، خصوصاً عندما يكونان في موقعين متنافسين.
وحبكت معي، فقلت للشاب الناهض: ما تقوله عين الصواب، لذلك اقترح عليك أن توصي المعنيين في جامعتك العريقة أن يضيفوا فرعاً جديداً الى اختصاصاتهم العلمية السياسية، انطلاقاً من تجربتنا اللبنانية، ويطلقون عليه تسمية «أحقادويولوجي».
قبل أيام ناقش الدكتور وليد أطروحته ونال عليها شهادة الكتوراه بامتياز وتنويه. واتصل بي لينقل الي النبأ السعيد… وحتى قبل أن يتلقى تهنئتي بادرني قائلاً: صدقني، عندما رويت لهم الطرفة عن اختصاص «الحقدويولوجي»، تحول جو القاعة الى استراحة جميلة… وقال أحد أعضاء اللجنة «قل لصديق والدك إنه اقتراح جدير بالاهتمام». وضحكنا معاً.
(Zolpidem)