سجلوا عندكم

“كنوزنا”… على دروب السماء!

Views: 37

أنطوان يزبك 

على مرّ الحقبات التاريخية وصولا إلى اليوم، يدأب الإنسان على ارتكاب أفظع الجرائم وأقذع الأعمال  بهدف تكديس الثروات وجمع الذهب بالأطنان متناسيًا أنه كائن ضعيف قد يرحل عن هذه الأرض بطرفة عين!

لهذه المسألة حقيقة إنجيليّة واضحة: “لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزًا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدأ وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون. (beyondbeaute.com) لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا”  (أنجيل متى6: 19-21). 

لافونتين

 

في المدرسة الابتدائية كانت المعلّمة الشابة تقرأ لنا قصيدة الشاعر الفرنسي الألمعي “لافونتين” حول البخيل الذي طمر دنانيره الذهبية في علبة معدنية في حفرة خلف منزله، وكان بين الفينة والأخرى يستخرج علبة النقود من الحفرة ويهزّها مستمتعًا برنين الدنانير ثم يعود إلى طمرها. 

ذات يوم راقبه اللصوص وعرفوا مكان الكنز المدفون، فسرقوا محتوى العلبة المعدنيّة من دنانير ذهبيّة واستبدلوها بقطع معدنيّة لا قيمة لها. 

وعلى كرّ الأيام، تابع البخيل استخراج العلبة من حفرتها وهزّها مستمتعًا بصوت المعدن الرنان بداخلها، غير مدرك انها قطع لا قيمة لها وأن ثروته ضاعت. 

اليوم، ما اشبهنا ببخيل لافونتين؛ نتلهى بقشور، ونلهث وراء أوهام لا فائدة منها، ننفق الملايين على مشاريع وحفلات وكوكتيلات في سويعات، ما قضينا سنوات في جمعه، وحين يطرق الموت بابنا، نبدأ بالنحيب والبكاء كأننا تفاجأنا، علمًا أننا نعرف مسبقًا كل ما جرى وما سيجري، فقد درسنا حكمة الحياة وحفظناها عن ظهر قلب ولكن لسبب ما، نتجاهل ونعصب عيوننا عن الحقيقة وعن المعرفة وعن سلوك الدروب الصحيحة!!

تولستوي

 

يقول تولستوي: “أن نخطئ فهذا امر طبيعي لأننا بشر، أما تبرير الخطيئة فهو أمر شيطاني “. وما بالكم بالإنسان يدأب على تبرير الخطيئة في كل حين وكل مناسبة، هل هو شيطان على طول الخط ولا يدري أم أنه يدري ويتجاهل لأنه شرير بالفطرة وقد استسهل شرّه إلى حدّ كبير؟!

كلنا نعرف الكاتب الإيرلندي الشهير سي. إس لويس ورواياته التي نقلت إلى شاشات السينما، مثل سلسلة روايات نارنيا NARNIA، ولا نعرف أن لويس هو أيضًا عالِم في اللاهوت والعقائد المسيحيّة والنقد الأدبي ويقول في واحد من مؤلفاته: “تظهر قراءة التاريخ أن المسيحيين الذين حققوا أفضل الإنجازات لهذا العالم، هم الذين كان معظم تفكيرهم حول العالم الآخر، وعندما توقف الاهتمام بالعالم الآخر، ضعف تأثيرهم في هذا العالم”. 

قد يظن البعض أن البون شاسع بين هذا العالم والعالم الآخر، ولكن ثمة عقول نيّرة أضاءها الله برحمته وأدركت حقيقة الوجود والآخرة، ولا أبلغ وأمضى من كلام الإمام عليّ عليه السلام من هذا الأمر حين قال: “الا ايها أيها الناس إنما الدنيا عرض حاضر يأكل منها البرّ والفاجر، وإن الآخرة وعدُ صادق يحكم فيها ملكٌ قادرٌ”. 

سي. إس لويس
Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *