المطران درويش جعل من زحلة فاتيكان لبنان… وخلفه على النهج نفسه!
رندلى جبور
بلغ المطران عصام يوحنا درويش السن القانونية، ولكن من يعرفون هذا الرجل يدركون جيداً أنه لن يتقاعد بفعل دينامكيته الفائقة وحبّه لزحلة والزحليين. هو أحبّهم جميعاً، لكنّ ذلك لم يعجب البعض الذي كان يرغب بأن يكون مطران زحلة والفرزل والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك ملكه وحده. كانت سياسته الانفتاح والوقوف على مسافة واحدة من كل أطياف المدينة، فقاطعه البعض وركّب له بعض آخر ملفات لا أساس لها، وكتبت أقلام رخيصة ضده. منهم من قبض ثمن معاداته ومنهم من دفع لتصويره خصماً. أما هو فكان يعمل بصمت وثبات. لا تزعزه اللقلقات، ولا تثنيه العداوات المفتعلة عن إكمال مشروعه بل مشاريعه الكثيرة.
عندما أتى مطراناً على مطرانية سيدة النجاة، هتف الجميع: “نحن معك”. وعندما أثبت أنه رجل شريف وديناميكي وحامل مشروع، هتف كثيرون ممّن هتفوا سابقاً نحن معك: “نحن ضدك”. ومهما كانت الهتافات، عملَ على أساس أنّ سيدة النجاة مرجعية للكل وهي ستبقى مكانها، فمن يريد الاقتراب منها أهلاً وسهلاً ومن يبتعد فله كامل الحرية.
ويقول مطلعون على ما فعله المطران درويش لموقع “Media Factory News” إنه جعل من المطرانية فاتيكان لبنان. ولهذه المقولة مستنداتها، فهو عمل في إعمار الحجر ومساعدة البشر. أطلق ورعى أكثر من 5 جمعيات، لُقّب بمطران المشاريع العمرانية لتدشينه وترميمه عشرات الكنائس والكابيلات والمقرات الروحية في زحلة والبقاع، جدّد أقساماً كثيرة في مستشفى تل شيحا التابعة للمطرانية وافتتح أقساماً جديدة، أسس مركزاً للعلاج الفيزيائي واستحدث مكاتب شبيبة. كما انه دعا إلى مؤتمرات وشارك في لقاءات لا تعد ولا تحصى، وأطلق إذاعة دينية محلية وافتتح طاولة يوحنا الرحيم وهي مطعم مجاني للفقراء يقدّم أطباقاً ساخنة يومية لأكثر من 1500 شخص.
واختتم نشاطاته بإنشاء المتحف البيزنطي ومكتبة سيدة النجاة وحديقة الاساقفة وكابيلا ذخائر القديسين. كلّفت هذه المشاريع الكثير الكثير من دون أن تضطر المطرانية أو أحد من أبناء زحلة الى دفع قرش واحد. كله من المال الذي أمّنه درويش من خلال علاقاته الكثيرة في الداخل والخارج.
حصل المطران درويش على أوسمة محلية وعالمية، لكنّ بعض المُلتهين بالزواريب الضيقة حاربوه. يريدونه لهم أو فَهُم ضدّه. ليس غريباً في بلد مثل لبنان أن يُرشق الآدمي وصاحب المشاريع بالحجارة ولو السياسية والمعنوية، لكنّ ذلك مؤسف، وهو حاصل في الدين كما في السياسة. أراد التطوير فحاولوا عرقلته، وأراد المساعدة فرجموه، وأراد فتح يديه فرفضوا سياسته. ومع ذلك لم يوقفه شيء.
آخر فصول محاربته كان خلال الانتخابات الأخيرة لاختيار خلف له. هذه المرة نجح هو وخسر المُحرتقون. بذلوا الجهود الكثيرة وشنوا حملات إعلامية. ولكن ما كتبه السينودس المقدس لكنيسة الروم الملكيين الكاثوليك الذي انعقد في الربوة برئاسة البطريرك يوسف العبسي قد كتب. فقد انتخب السينودس راعي أبرشية كندا المطران ابراهيم ابراهيم مطراناً على أبرشية الفرزل وزحلة والبقاع خلفاً لدرويش.
وتقول المصادر إنّ ابراهيم هو خير خلف لخير سلف. وتؤكد أنّ المطران الجديد سيعتمد نفس نهج وسياسة سلفه على قاعدة الانفتاح والوقوف على مسافة واحدة من الجميع. ولعل اللافت أنّ أولئك الذين خاضوا معركة شرسة ضد ابراهيم وخصوصاً من أفرقاء سياسيين، علّقوا اللافتات المرحّبة به في المدينة، على أمل استمالته إلى جانبهم من أول الطريق. لكنّ العارفين يشددون على أنه لا يُتخذ بمثل هذه الخزعبلات وهو صاحب خط ونهج واضحَين. ليس ضد أحد في السياسة ولكنه ليس ملكاً لأحد دون الآخر.
فدارِس الفلسفة يُدرك الفلسفة الخاصة ببعض اللبنانيين. والمتعمّق باللاهوت له مرجعية واحدة هي الكتاب المقدّس والقيم المسيحية، ولا يتمشى في زاروب أحد، بل يجلس سيداً على كرسيه في سيدة النجاة، ومن يريد المجيء إليها أهلا وسهلا، ومن يخاصمها فله كامل الحرية.
وتختم المصادر “إنّ زحلة مش هينة. فيها الكثير من الزواريب والالاعيب. ولكن يؤمل من المطران الجديد أن يكمل ما بدأه درويش، وأن تكون بينهما وحدة مسار من أجل خير عاصمة الكثلكة”.
***
MediaFactoryNews©