نظام الخيبات والأحزان
خليل الخوري
أهو القدر؟
أهي اللعنة التي أصابت هذا البلد الصغير المعذّب، المنكوب بمن توّلوا شؤونه طوال عقود، فحوّلوها، إلى شجون فمصائب فكوارث، فنكبات… جرّاء الآلام والويلات والمِحَن التي لا يتوقف مسلسها الطويل، حتى ليصّح فينا القول إننا ما أن نتقدّم خطوةً حتى نتراجع أميالاً، وليس مجرّد خطوات وحسب.
إنه القدر… إنها اللعنة… إنها «العين الشرّيرة» التي صوّبت شرها على لبنان، فأسقطته من عليائه: من الازدهار إلى التخلّف، ومن البحبوحة إلى الفقر، ومن رغد الحياة إلى «التعتير»، ومن الريادة إلى ذيل لائحة الدول الفاشلة في العالم.
وما يتجاوز العقل، خصوصاً بالنسبة إلى جيلنا، هذا النضوب المذهل في الإدراك السياسي، حتى ليبدو بوضوح كامل أننا نفتقد، بقوة، أولئك الحكماء الذين كانوا يطلعون بالأفكار الفذة، والآراء السديدة، والمواقف الحكيمة (…) وكان آخرهم الوزير النائب المرحوم جان عبيد الذي اختطفه فيروس كوفيد – 19 (كورونا). وأيضاً نفتقد ما تعارفوا على تسميته بـ»القوة الثالثة» التي أفردنا لها غير مساحة في غير مقال، في هذه الزاوية…
يتوافق هذا مع من نحب أن نطلق عليهم تسمية «أبناء الجيل السياسي الهجين» الذين أناخوا بأثقالهم على لبنان، منذ ما بعد الحرب، فأوصولونا إلى حيث نحن وباتت حالنا مثل ذلك المركب التائه في بحرٍ عواصفه هوجاء، وأنواؤه مجنونة… ومصائر الذين يمتطون متنه في يد المجهول المعلوم؟!.
فماذا بعد؟ هل نستسلم؟ هل نرفع العشرة؟ هل نقول لهم، مبروك عليكم هذا المسخ الذي حوّلتم لبنان إليه؟ أي هل نسافر (ولا نقول نهاجر) كما يفعل مئات الآلاف من أبنائنا والأجيال الصاعدة بكفاءاتهم ومهاراتهم وحيويتهم وعزمهم… أو أننا نبني قصوراً على رمال الانتخابات النيابية المعلّبة، معروفة النتائج سلفاً، التي لن توصل إلى أي حال تغييرية، هذا إذا أُجريت فعلاً، وقد بات لدى جحافل السلطة (من داخلها وخارجها) عشرات «الأسباب الموجبة» لتأجيلها، بالرغم من الكم الهائل من النفاق بادّعاء الهرولة إلى صناديق الاقتراع التي يخافونها بمعظمهم؟!.
لا هذا ولا ذاك، فلا بارقة أمل ما بقي سائداً هذا النظام الموتور الذي لا ينتج إلّا الأزمات والمآسي والأحزان وبالطبع الخيبات.