الغياب الخَطِر
خليل الخوري
أوضاع السلطة التنفيذية التي آلت إليها حكومة دولة الرئيس نجيب ميقاتي غير مألوفة في التقاليد والأعراف اللبنانية ولا في الدستور اللبناني على الإطلاق.
قد يقول قائل إنه سبق أن تعطلت الحكومة، غير مرة، وأحياناً لأشهر طويلة كما حدث مع إحدى حكومات الرئيس الشهيد رشيد كرامي.
والواقع أن المقارنة غير جائزة على الإطلاق، ذلك أن حكومة رشيد أفندي، رحمات الله عليه، تمنّعت عن الاجتماع، في عهد الرئيس سليمان فرنجية، باعتكاف رئيسها (بقرار منه) ولم يُعطّلها فريق من وزرائها. مع الإشارة إلى أنه في ذلك الزمن كانت نيران الحرب مستعرة ومع ذلك، كان ثمّة مُحافظة على الحدّ الأدنى من الأصول والنصوص القانونية، الدستورية والوضعية. وعلى صعيد الدستور، فهو يلحظ أسباب وظروف وجود حكومة في وضعٍ غير طبيعي، وخصوصاً عندما تكون في مرحلة تصريف الأعمال بالاستقالة… طبعاً استقالة رئيسها وليس بمقاطعة عدد من الوزراء دون ثلث الأعضاء.
وفي تجاربنا، على هذا الصعيد، بعض الأمثلة. فقد سبق أن أدّى تغيُّب بعض الوزراء عن المجلس إلى مبادرة رئيس الحكومة لتأجيل الجلسة إلى فترة زمنية محدودة… ولكن ليس إلى أمدٍ مفتوح من دون حدود.
ومن نافل القول أن نذكر حاجة البلد الحتمية إلى بث الروح في مجلس الوزراء الذي تم التوصل إلى تشكيله بشقّ النفس بعد فراغٍ استمر طويلاً جداً خلال أشهر تصريف الأعمال مع حكومة الرئيس الدكتور حسان دياب. فمع تعطيل الجلسات، انتقلنا من فراغٍ دستوري (الاستقالة) إلى فراغٍ تحت ضغط الأمر الواقع.
وليس من يجهل أن لبنان، الذي يُعاني انهياراً ليس له حدود، أكثر ما يكون حاجةً إلى إحياء السلطة التنفيذية، سواء من أجل معالجة الملفات الضخمة المتراكمة، التي هي غير قابلة للتأجيل أصلاً، أم من أجل استقامة المسألة الميثاقية، إذ إن تغييب الدور السني، عبر تعطيل مجلس الوزراء، ليس أمراً مقبولاً من الأوجه كافة.
في هذا السياق، يبدو لافتاً أن العالم يتصرّف معنا وكأنه نافضٌ يده من لبنان أو، على الأقل، لم يعد يوليه أي اهتمام… على قاعدة: إذا كنتم، أيها اللبنانيون، غير معنيين بأنفسكم، فلا تطلبوا منا أن نكون ملكيين أكثر من الملك!.
(Diazepam)