سجلوا عندكم

دولة يوك

Views: 331

خليل الخوري 

ليس من موجب لأن تبحث عن القضايا الكبرى كي يتبين لك أن لبنان من دون دولة، على قاعدة «ماشية والرب راعيها»… مع فارق جوهري وهو أن لا شيء ماشٍ إيجابياً، أمّا الانحدار فالمشي نزولاً، بل الهرولة هبوطاً، فحدّث ولا حرج!

وعليه، ليس ضرورياً أن تستحضر الأبحاث والدراسات الممنهجة في الشأنين المالي والاقتصادي للتثبت من غياب الدولة التي وصل مواطنوها إلى قعر الفقر والجوع والبهدلة؟!.

وليس ثمة موجب للتمعن في مصير الودائع وفقدان مدخرات وتعب وجنى أعماراللبنانيين… لتجد نفسك أمام حقيقة صارخة: الدولة ليست هنا.

ولا تتعب نفسك في البحث عن السياحة التي غابت ولم تعد، وقد لا تعود في المستقبل المنظور، لتصرخ: أين الدولة؟ فلا يأتيك جواب!

ولا تبحث، عبثاً، عن الميّزات الكثيرة التي أعطت لبنان فرادة في محيطه، ومنحته ريادة في العالم (…) لتتيقن من أن الدولة في سُبات عميق، تلطيفاً لحقيقة أنها في حال احتضار.

ولا تكلّف خاطرك في الدراسة عن فلسفة العتمة التي يغرق اللبنانيون في ظلمتها لتأخذ جواباً عن غروب شمس الدولة…

وأيضاً لا تكلف نفسك فوق طاقتها لتعرف سبب عزلة هذا الوطن الصغير المعذّب، تأكيداً على أن هذه التي كانت دولة لم تعد موجودة…

لا تتعب نفسك في هذا كله، وفي سواه أيضاً مما يُعتبر شؤوناً كبرى. فقط يكفي أن تراقب حركة السير في البلد، وأن تلحظ التنامي الذي حققته الانتهاكات ضد الأنظمة والقوانين، وأن تتابع كيف ومتى يُؤذَن لمجلس الوزراء أن يجتمع أو لا يجتمع، وما هي البنود التي يُسمح له أن يدرسَها أو لا يقاربُها، ولحراك السفراء ومواقفهم، والبطاقة التموينية ومتى يُطلق سراحها أو تبقى محجورا ً عليها، وإلخ (…) وتلك كلها أمام ناظريك، فلا تحتاج إلى أبحاث معمقة، ودراسات جدّية، ومراجع رصينة… فقط مجرّد نظرة عابرة تكفيك لقيام الصلاة على روح دولةٍ كان لها، ذات زمن، حضور رسوليّ فاعلٌ في هذه المنطقة من العالم.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *