سجلوا عندكم

يومها.. لا عيدها

Views: 226

خليل الخوري  

للمرة الأولى، منذ سنواتٍ طويلة، أتأخر يومَين عن التوجّه إلى المرأة في يومَها، إذ كنت أُخصص هذه الزاوية لها سنوياً في الثامن من آذار، كما أنها لم تُغَيّب عن مقالاتي اليومية السياسية. فأنا «مُتّهمٌ» بالانحياز إليها على امتداد مسيرتي المهنية. وذات زمن، أدّى دفاعي عنها إلى حملةٍ شرسة من الظلاميين، في بلدانٍ عديدة، وليؤذن لي ألا أدخل في التفاصيل.

ولقد هالني أنّه بعد هذا النضال العالمي العريق، لا يزال المجتمع البطريركي، المُغرِق في الذكورية، سائداً في أنحاء عديدة من المعمورة، ولو بنسبٍ مُختلفة، بما فيها بُلدانٌ ارتقت فيها المرأة أرفع المناصب وأخطر المسؤوليات.

وهي طبعاً لا تُقارن بمناطق لا تزال المرأة ممنوعة من تلقّي العلم، وفي سواها يُفرض عليها الالتزام بشروط وقواعد اجتماعية تأسر حرّيتها.

في برنامج على إحدى الأقنية التيلفزيونية التي يعجّ بها الفضاء الافتراضي، شاهدت واستمعت إلى أحدهم يقول: «المرأة في منزلةٍ بين المنزلتَين، منزلة الإنسان ومنزلة الحيوان»، وعندما اتّصلت مُعترضاً بشدّة، انهالت عليّ الشتائم، واعتُبرتُ عدوّاً، وذهب بعضهم بعيداً إلى حد إباحة دمي.

في الولايات المتحدة الأميركية، التي يُقال إنها رائدة في مجال حقوق الإنسان عموماً والمرأة عموماً، تصل نسبة النساء المُتعرّضات للعنف المنزلي والأُسري إلى 87,8%، وكذلك 90% من الضحايا من السيدات.

هذه الحقيقة البشعة تفتح أعيننا على واقع العنف الأسري في لبنان، الذي شهدنا منه نماذج مروّعة في السنوات الأخيرة، أدّت إلى مقتل سيّدات في مُقتبل العمر على أيدي أزواجهنّ لأسبابٍ تافهة عموماً. ومع إقرارنا بأهمية التعديلات القانونية الإيجابية في هذا السياق، فإننا لا نزال نُطالب بالأكثر، من أجل حماية المرأة وتمكينها من تحقيق ذاتها، وهي التي لولاها لكان المجتمع نوعاً من أنواع الصّبَير، مُفتقداً الحنان والعطف والرقة.

أما والحديث عن المرأة في لبنان، فإنني أُعلن مُعارضتي الكوتا النسائية في مجلس النواب، ولكنني معها، من دون تحفّظ، في الحكومة وسائر المواقع والمناصب أياً كانت. أما لماذا أُعارض الكوتا، فلأنني من دُعاة وصول المرأة إلى المجلس النيابي بكفاءتها ونضالها وعن استحقاق، وليس عطيّةً أو هديّةً لا تُحقّق المنشود. فالقضية ليست هنا عددية، إنما هي مبدئية.

وأود أن أدعو المرأة إلى أن تأخذ قضيّتها بيدها، أن تعمل على تحقيق طموحاتها بنفسها. وهذا يستحقّ نضالاً حقيقياً، لا هوادة فيه!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *