سِبَاقُ الْمَنَايَا
د.محمد نعيم بربر
يَا لَيْتَنِــــــي كُنْتُ طَيْرًا
أَعِيْشُ عَيْشَ الطُّيُــــوْرِ
أَطُوْفُ مِلْءَ خَيَالِـــــي
عَلَى جَنَـــــــــاحِ الأَثِيْرِ
مُسْتَبْشِرًا خَيْــرَ بُشْرَى
بَيْنَ النَّدَى وَالْعَبِيْـــــــرِ
مُسْتذْكِرًا ألْـــفَ ذِكْرَى
مِنْ حَالمَــــاتِ القُصُورِ
مِنْ خَافقَـــاتِ العَوالِــي
وسَابِحَــــــــاتِ النُّسُورِ
مِنْ ذَاتِ طَـرْفٍ كَحِيلٍ
وقَاصِــــــرَاتِ الخُدُورِ
تَحُطُّ بِــــــي فِي سَلامٍ
عَلَى ضِفَــــــافِ الْغَدِيْرِ
لَا أَخْتَشِي غَــــدْرَ صَقْرٍ
أَوْ صَائِدًا كَــــــالصُّقُوْرِ
أوْ صَوْتَ وَحْشٍ جَسُوْرِ
كَـــــالثَّورِ أوْ كَــــالبَعيرِ
يَعِيْثُ فِيْنَــــــــا عَجِيْجًـا
مِنْ مُنْــــــذِرٍ أوْ نَذِيْـــــرِ
أوْ مُؤْذِنًـــــــا في صِدَامٍ
كَمُنْكِـــــــرٍ أوْ نَـــــــكِيْرِ
يَرْتاَبُــــــــــــــهُ كُلُّ حَيٍّ
يُخِيفُ أهْــــــــــلَ القُبُورِ
سِلاحُـــــــهُ رَأْسُ رُمْــحٍ
يَغْتَـــــــــــــــالُ كُلَّ أَسِيْرِ
يَــهَابُـــــــــــــهُ حَدُّ سَيْفٍ
شَاكِي الظُّبَى في النُّحُوْرِ
كأنَّـــــــــــــهُ دِرْعُ حَرْبٍ
عِنْدَ احْتِشَـــــــــــادِ النَّفِيْرِ
يُغْشَـــــــــــــى بِلَيْلٍ بَهِيْمٍ
جَافَـــــــــــاهُ حَرُّ الهَجِيْرِ
يُبلي المَوَاجِـــــــعَ قَسْرًا
في كُلِّ أَمْـــــــــــرٍ خَطِيْرِ
وإِنْ تَجَاوَزَ حَــــــــــــــدًّا
في أيِّ أمْــــــــــــرٍ حَقِيْرِ
فَمُنْتَهَــــــــــى الشَّرِّ هُجْرٌ
يُعْـــــزَى لِصَوْتِ الحَمِيْرِ
***
مَتَى تَعُوْدُ اللّيَالِـــــــــــــي
تَشْتَمُّ عِطْرَ البَخُـــــــــــوْرِ
وَتَرْسُمُ الأَرْضَ فُلْكًــــــــا
تَجْتَـــــــــــاحُ كُلَّ البُحُوْرِ
لَا تَخْتَشِي عَصْفَ رِيْــــحٍ
علَى غِلَاظِ الصُّخُـــــــور
أوْ تـَرْعَوِي مِنْ ضَبَــــابٍ
يُسْقَــــــــى بِيَوْمٍ مَطِيْــــرِ
يَشْقَــــــــى بِه عقل حُــرٍّ
في كُلِّ أَمْـــــــــــرٍ عَسِيْرِ
يَا لَيْتَ في النَّاسِ تَعْمَـــى
أَسْبَــــــــابُ تِلْكَ الشُّرُوْرِ
وَيَرْتَقِي الخَيْرُ فِيْهَــــــــا
علَى مَــــــــــدَارِ الدُّهُوْرِ
فَالعَدْلُ مُلْكٌ شَـــــــرِيْفٌ
وَالحَقُّ مِشْكَـــــــــاةُ نُوْرِ
دَعُـــــوا الشُّعُوبَ وَكُفُّوا
عَنْ ثَوْرَةِ التَّحْرِيْــــــــرِ
وَسَــــاعِدُوا الخَلْقَ حَتَّى
تَخْتَـــــــارَ حَقَّ المَصِيْرِ
فَكُلُّنَــــــــــــــا مِنْ تُرَابٍ
مِنْ مُوْسِــــــــــرٍ أوْ فَقِيْرِ
كَفَى حُرُوْبًــــــــــا وَقَتْلًا
فَالشَّرُّ في التَّدْمِيـــــــــــرِ
والعُنْفُ آفَـــــــــــــةُ حِقْدٍ
سَــــــادَتْ بِكُلِّ العُصُوْرِ
يَا صَاحِبَ السِّـــــرِّ عَجِّلْ
واكْشِفْ طَرِيْقَ العُبُـــــوْرِ
وارْجِعْ لِرَبِّ البَرَايَــــــــا
واسْمَعْ نِــــــــدَاءَ الضَّمِيْرِ
فَالْكُلُّ رَهْنُ سِبَـــــــــــاقٍ
يَجْرِي لِنَـــــارِ السَّعِيْرِ !!