في ما وراء الممكن
وفيق غريزي
اتكئ على جدار
كل شيء يمزج الرماد والغبار
كنت بالعمق “كتاب”،
كنت صوتين
يتحدثان وراء الباب،
واحد داخلي حازم، يقول:
الوطن جيفة تتناهشها الذئاب
غضبي بلا انتهاء
اهرب ممن يمنحني
شهيّة الإياب
والآخر، يقول: هيّا تعال
لنفجّر الرؤى والأحلام
في ما وراء الممكن والذي كان
في ما وراء الغمام…
هذا الصوت يغنّي بلسان الريح
كشبح صارخ جاء على صهوة الخيال
يخيفني، يداعب فيَّ الحواس
***
ارى بوضوح عوالم غريبة
بصيرتي الضحية.. السليبة
خلف اسوار الوجود
مغاور مظلمة..
كهوف على طول الحدود
أجرجر ورائي الأفاعي والثعابين
انا كالرسّامين والشعراء
بوله اعشق البحر والصحراء
اضحك في المآتم
ابكي في الأفراح
اهوي، وعيناي تحدقان بالسماء .
***
قلبي يحترق ينفث الدخان
يفوح منه العطر كزهر البيلسان
عقلي مشوش
أظن أنّي “امير”
أو على عرش سلطان
يقول الفقير الغارق في الظلام
أين إذًا تراه،
هذا الفارس المقدام،
الذي يحتفي به الكائن الإنسان؟
روحي سفينة بلا ربّان
دمية تلهو بها اصابع الزمان
امتلك حقلين في تربة خصبة
وفي تربة عقيمة
استصلحهما بمحراث العقل
ازرع فيهما البذور
لأحصد في المواسم السنابل والثمار
المطر يرويهما دون انقطاع …
***
امامي اثنان
احدهما الفن والآخر الحب
وحتى يكون الحكم عادلا
عندما ينجلي الموسم المنشود
تمتلىء مخازني بالغلال والحصاد
التي تعطي ما جنيته
قربانا لآلهة السماء
امرأة تدفع جمالها المحرّم للغير
جسدها الفتّان محرّم على الغير
ما أن يدفع الفجر
أشجاره الى الغناء
طول النهار تقودني قدماي
إلى حيث أريد
تمتلىء احلامي بطيور مذبوحة
من الوريد إلى الوريد
بلادي لا تحصد سوى الخيبات والالام
عيونها مهمومة تبحث عن
الضباب والنذور
عن الاشباح المتناثرة
بين غابات النجوم .
***
إن لم تشكّل لغتي سيفا
لدى الشيطان المحتال
العنيد، أقاومه
لا افهم من قاموسه شيئا
أو انني اعتقد بأنني احلم بالمحال
ايتها الروح القلقة، المضطربة
تمضين بحثا عن الامان
ارقي لي، والا ستطاردك اللعنات
دمي يتدفق كالنوافير
من كل المسام
ابمحض الصدفة أن رداءه ابليس
حوّل شراييني الى ينابيع
جنائزية؟
***
كل إنسان نذير
يسكن في قلبه ثعبان وإيمان
متربعا على عرش كأنه الشيطان
إذا ما قال أريد
تردّ الافعى ويردّ الثعبان:
فلتنجب الأطفال
ولتزرع الأغراس والأشجار
ولتكتب الأشعار
وتنحت تماثيل الرخام.
المعاناة ضجر لا تهدأ
ولا تنام …
