سجلوا عندكم

عودة التفاح

Views: 202

د. جان توما

وعادَ التفاحُ يطلعُ من جديد إلى الشجرة المنسيّةِ عند سورِ ذاك البيت العتيق. تمرُّ الفصولُ والشبابيكُ مغلقةٌ على العمر الذي مضى.

تلتفتُ حبّةُ التفاح من شجرة النسيان، يمنة ويسرة، فلا تقع على وجه زارعها، ولا على وجوه أطفاله الذين كانوا يلهون في هذا الحقل، يشدّون معه على خشبة المحراث لقوت أهل البيت لاحقًا من أعشاب نابتة مرويّة بعرق الفلاحين.

كم قصّة حبّ غزلتها الأفئدة هنا، كتبت على جذوع الشجر وعلى صفحة الرمل، وكم محت أطراف عباءات الصبايا آثار الخُطى على درب العين، وكم نسجت جدائلهن في وجه النسائم من دوواين ومووايل، ففرح الفلاح بإيمانه أنّ تربته سقف السماء.

راحت مواسم الكرز إلى الصيف القادم، وما بقي الكثيرُ من عمر موسِمَي العنبِ والتين. سكب التوت البريّ دمه على حجارة عتبات البيوت، وما أبقت العصافير من طيّبات الكروم ما يشفي غليل الضباب الطالع شهيًّا كثريّات العتم في أوّله.

غدًا يعود الشتاء، ويحترق حطب الذكريات في كانون الفصول، تتراكم أيامها وتعبر ونترك بين شقوق الحجارة صوت الوجع يصدح:

حبيبي ندهلي قاللي الشتي راح

رجعت اليمامة، زهر التفاح

وأنا على بابي الندي والصباح

وبعيونك ربيعي نور وحلي.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *