إلى أن نلتقي
د. جان توما
أخذَتِ الهضابُ ردائي الأخضر، حاكَتْ بأوراقي التي تساقطَتْ في أيلول غلالةً من حبيباتِ الثلجِ. تتّكلُ التلالُ على أناملِ الشمسِ لترتّبَ ياقةَ القميصِ الأبيضِ الباردِ في عرسِ الشتاء.
واقفةٌ أنا في مواجهةِ الهواءِ الباردِ كشراعِ في سفينةٍ مبحرةٍ. تأخذني المِساحاتُ إلى مرابعِ الصبا وملاهي الطفولة. يجيءُ الفجرُ كلَّ صبيحةٍ يتأملُ غيابَ أزهاري، يلتفتُ إلى مفرقِ الوادي منتظرًا بشوقٍ وصولَ الربيعِ، تاجرِ الأقمشةِ الملوّنة، مع قافلتِهِ. فيها المطرّزُ والناقشُ وحاملُ قوارير الألوان الزاهية.
أقفُ كحرسِ السهلِ المقدّس، كما سنابلُ القمحِ في مراعي الخضرة. أرقبُ تعاقبَ الفصولِ، تمرُّ أمامي كأصابعِ السُّكَّرِ المبايع جمالَ أغصاني، قبل أن تزهرَ، ومتى أزهرَتْ، تزدانُ دروبُ القادومية بالتوتِ البريّ وحبّاتِ العنّابِ وأطواقِ الياسمين، يومها سألتقيكَ أيّها الثلجُ تنفجرُ دمعًا في عيونِ الينابيعِ والسواقي في حياةِ الطبيعةِ وقيامةِ العطرِ إلى حفافي السورِ العتيق.