سجلوا عندكم

“التراث اللبناني بلغتو وأعلامو” في كتاب “كارة وكوارة” لـ كارولين زعرب

Views: 72

ريكاردو الخوري

وقّعت الروائية كارولين زعرب طايع كتابها الجديد “كارة وكوارة” مساء السبت 12 نيسان الجاري في “مركز لقاء”، الرّبوة. وقد تخلّلت حفل التوقيع، الذي عاد ريعه إلى مركز “بيت الرجاء”، مسرحيّة من تمثيل أطفال المركز، الذي يحتفل بالذكرى السنويّة 25 لتأسيسه. 

يحتوي الكتاب على ثلاث عشرة قصة محكية تبدأ بحكاية زخيا، الذي يحب مدرسة الطبيعة أكثر من مدرسة الضيعة، يحمل في ذاكرته أبجدية العنزات والبقرات والأشجار أكثر من حروف اللغة العربية والحساب… وحكاية «تلاقوا العيون»، قصة حبّ الشاب “جميل” والصبية “نزهه” من أول نظرة إلى أول لقاء على العين و”بوسة” يسرقها الحبيب من حبيبته مع آه الميجانا ودبكة الدلعونا… وصولا إلى آويها الزلغوطة ورفعة المحدلة وجرن الكبة… أمّا حكاية «تجا» المرأة العاقر، ابنة كاهن الضيعة والتي تقصد المنجِّم المغربي في محاولة للخروج من مأزقها، فتكتشف في النهاية «أنّ توقيت السما غير توقيت الأرض».

 

وفي اضاءة لها على الكتاب، تقول الشاعرة ميشلين مبارك: [في رحلة الإبحار مع الكاتبة طايع، ننتقل إلى حكايات الأجداد وكنوز الأرض وقصة «إم سمير» وزهرة الملح وإرث الملاحات، ليتعرّف القارئ على أنواع الملح واستخداماته: «خلطة الملح مع المي وكل نوع ملح وإلو طقس» (ص: 91)، ثم قصة «تشوشط خير» مع أبو نجيب المنتظر غلات قمحاته قائلاً لزوجته: «كـَ مرا السنبلة المليانه بتقول نحن مين ت نشمخ راسنا قدّام رب العالمين». وقصة ديب وشتلة التبغ وزيزفونة المنتظرة الموسم لتشتري فستان جديد. وموسم العزّ مع دودة القز والحرير، وغيرها الجميل من الحكايات. ولعلّ أجمل ما فيها ليس الحنين إلى الماضي وما لهذه البساطة من إنعاكس على حياة من سبقونا فحسب، بل تجلّت المقدرة الجمالية في تمرير الكاتبة بأسلوبها السهل والرشيق: رسائل عن قِيَمٍ فقدناها أو كاد الجيل الجديد أن يفقدها، ألا وهي الفضائل، كالحشمة، والخجل، واحترام الكبير، ومحبة الزوج لعائلته وطاعة الزوجة له… ولعمري أنّ أجمل كل تلك الفضائل هي القناعة. في الواقع، «كاره وكواره» جمع مشاعرنا وذكرياتنا المتناثرة من أحزان وأفراح، ليبني منها جسراً بين تراث الأجداد وفضائلهم لتلاقي الجيل الجديد، فتمدّه بالقوة وقت الضعف، والعزيمة أثناء الشدائد. جسرٌ بنته الكاتبة بلغة محكية جميلة وبأسلوب تملك صاحبته عين كاميرا تصوّر التفاصيل لتُبرز العمق].

مقدمة الكتاب للشاعر هنري زغيب باللّغة المحكية بعنوان «التراث اللبناني بلغتو وأعلامو»، قال فيها:

عَمْتكْتُب عن الماضي بلُغة المستقبل.

عارفِه إِنُّو المحكيِّه، لغة القلب المباشَرَه، هيي اللُغَه الباقْيِه بعدْما بتِنْمِحي اللُغات المكتوبِه.

عن تراثنا عَمْتكْتُب. عن تقاليد وعادات ومظاهر من جبالنا وضِياعنا، البعض مِنَا غاب وبَعدو بالبال، والبعض مِنَا بَعدو لليوم نابض بالحياة لأَن فيه إِيدَين بَعدَا مُؤْمنِه فيه، وعمتعيّشو باستمرار.

مغامرِتَا صَعبه، كارولين. صعبِه بس مش مستحيلِه.

صعبه لأَن اللغه المحكيِّه بعدَا ما تْقَونَنتْ بقواعد وطرُق كتابِه وصورة الكلمِه مكتوبِه من المحكيِّه وما بتاخد صورة المكتوبِه.

لكن كارولين قِبْلِت التحدّي، ووضَعِت هالكتاب باللُغَه اللي بيحكوا فيا أَهالينا من دون تَكَلُّف.

صحيح الكتابه بالمحكي بتحتمل أَكتر من طريقِةْ كتابِه، لكن الطريقَه الفُضلى هيي اللُغه البَيضا.

***

اعتمَدِت كارولين سياق القصص القصيره: هون قصة زخيا والتربيه القاسيه، هون قصة نَزهَه وحكايتا مع جميل، هون تَجا العروس والمنجِّم المغربي، وقصة فهد وجدُّو والكنز المرصود، وقصة إم سمير وكيس الملح،  وقصة بو نجيب وإِمّ نجيب والولاد، وقصة زيزفونِه وشتلة التبغ لـ”الصمود والتصدّي”، وقصة تفَّاحه ومخُّول وشَلحة الحرير، وقصة زيزف وشوقي والقرقور، وقصة أَسعد وإِمُّو وكيس الكشك، وقصة بو رامز وإِمّ رامز وشجرة الزيتون، وقصة صالح وأَجيَّه، وقصة ذكيِّه ووداع سالم اللي متل إِبنا، … وبين كل قصَّه وقصَّه فاصل من قلْب التراث اللبناني، والختام متل رفْعِة راس عَ أَرزه: “العادات والتقاليد هيي ثقافة بلَد وهويِّة شعب، وإِرث كبير لازم نحافظ عليه… كاسكُن وكاس لبنان الحلو متلْما منحبو”.

 

***

أَنا وعمتابع كتاب كارولين، كنت عمشوف. كارولين بتكتب القصه بطريقة السيناريو، هيي المعتاده ع كتابة النصوص للكاميرا بالبرامج الوثائقيّه. من هيك، كل سطر من الحوار أو من الوصف السردي، فيه شغل للكاميرا لو فيه مخرج عميقرا هالنصوص.

صحيح القصه، بتركيبا، بتقوم عَ الوصف والسرد وتبادُل الحوار، بس الكتابه للكاميرا أسلوب آخر مختلف. وكارولين عرفت تمسك هالأسلوب الآخر بكل صفحة من الكتاب. من هون إمكانية تحويلو بسهوله لسيناريو.

***

أمر آخر لفتْني بالكتاب: الأسماء. معظم أسماء الأشخاص بهالقصص، ما عادوا موجودين. انقرضوا مع الجيل الماضي أو اللي قبلو. وإعادِةْ التذكير فِيُن إِعادِه لتراث الضيعه اللبنانيِّه بكل ما فيا من معالِم وأعلام وعلامات، تَ يكون كتابا فعلًا مخزون تراثي لبناني بكل الأُطُر التراثيِّه.

***

ما رح إتوسّع أكتر، تَ إترُك للقارئ متعة السفر مع هالصفحات، والرجوع للماضي اللبناني الهني بلغة المستقبل، اللغه اللي ما كان ممكن هالكتاب ينكتب إِلّا فيا، تَ تكون مكتمله فيه كل عناصر التراث.

شكرًا كارولين ع جهدك الساطع.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *