تعليق على كتاب
“مقامات نون النسوة” لـ لطيفة الحاج قديح
أ.د. أحلام بيضون
“مقامات نون النسوة” عنوان لطيف وموفق لموضوع حقوق المرأة ومعاناتها على مر التاريخ، فلا يسعنا إلا أن نهنئ الكاتبة د. لطيفة الحاج قديح على اختياره. لكن العنوان ليس الشيئ الوحيد الهام في الكتاب، فمضمونه هام وشامل أيضا.
لا يكاد يدخلنا كتاب “مقامات نون النسوة” إلى عالم الدين ومدى التلاعب في تفسيره لصالح عادات وأعراف سالبة لحقوق المرأة، ومحولة لها نوع متاع متعدد الأشكال تحت تبريرات مختلفة، حتى يدخلنا إلى عالم القانون والسياسة من خلال الإتفاقيات الدولية التي ترعى حقوق المرأة وتمنع التمييز ضدها، فارضة على الحكومات التقيد بنصوصها كونها تشكل قسما من حقوق الإنسان ذات القوة القانونية الملزمة.
تناولت الكاتبة موضوع المرأة بدافع المعني مباشرة، فحاولت أن تحيط بمعظم جوانبه انطلاقا من السرد التاريخي مرورا بالنصوص الدينية وانتهاء بالإتفاقيات الدولية التي ترعى حقوق المرأة.
حاولت الكاتبة لطيفة الحاج في معالجتها للموضوع أن تلامس موضوع تفسير النصوص القرآنية معتمدة على آراء مفكريين مهتمين بهذا الأمر كالدكتور محمد شحرور وغيره، محاولة إبراز مدى مخالفة التطبيق لروح النص الديني،
لم تنس الكاتبة خلال غوصها في الموضوع أن تفرد مكانا لمدى التأثير السلبي على مجتمعاتنا بسبب التعاطي التميزي ضد المرأة وتهميشها والإستخفاف بها واستخفافها بنفسها أحيانا، واشتراكها في التآمر على حقوقها، وإبعادها عن مراكز القرار. ورغم تدارك الكثير من المجتمعات في الغرب والشرق لإهمال موقع المرأة وأهمية دورها، فإن التمييز ضدها لا يزال يشكل القاعدة في معظم الدول العربية.
في الشكل يسجل للكاتبة سهولة الأسلوب حيث تمكنت من الحصول على المعلومات وصاغتها بأسلوب شخصي، فجاء النص خاليا من الحشو على بساطة ووضوح، رغم الصعوبة أحيانا في تبين النص المقتبس، ورغم سقوط بعض الأخطاء.
إن كتاب “مقامات نون النسوة” يشكل تجربة جريئة للكاتبة حيث تناول نصوصا تعتبر مقاربتها من اختصاص الفقهاء، بالإضافة إلى اعتبار المس بها كالمس بالإيمان، وهذا ما يفسر ربما محاولة الكاتبة عدم تحميل النص أية تبعة في ما يتعلق بالتمييز ضد المرأة.