جمالات تحت الثلج

Views: 483
sami
سامي زياده

حتى في فصل الشتاء، رغم العواصف والبرد القارس، تشرق الشمس أحيانا، فتنير بأشعّتها الخجولة مناطق كثيرة لا تزال تنبض فيها ثروات طبيعية ساحرة عمرها ملايين السنين..
تلك الجمالات الغافية تحت الثلج، او المستلقية في كنف الجبال والوديان، ليست “طبيعة ميتة” كما يتصوّر معظم الناس، حيث يحقّ لهؤلاء، بكل وقاحة، أن يبيدوا الصخور الدهرية والأشجار العارية طمعا بربح سريع، او دعما لمشاريع عمرانية تغلّب العشوائية والبشاعة على العفويّة والجمال..
منذ مدّة، وتحديدا في شهر شباط الفائت، بعد عاصفة ثلجية دامت بضعة أيام، توجّهت نحو منطقة جبليّة لم أزرها منذ أربع سنوات تقريبا..
طبعا، كان ثمّة صعوبة في الوصول الى تلك المنطقة البعيدة نظرا لتراكم الثلوج على جانبي الطريق. المهمّ أنّني وصلت أخيرا الى تلّة صغيرة تشرف على مساحات واسعة مغطّاة بأشجار التفاح وبعدد ضئيل من أشجار السنديان..
المشهد من التلّة حيث كنت أقف بدا في غاية الجمال بفعل الثلج الذي أضفى بياضا ساحرا على المناظر الطبيعية. لكن، عندما رحت ألتقط بواسطة العدسة المقرّبة صورا لأماكن سبق لي أن زرتها مرارا منذ سنوات، إكتشفت أنّ ثمّة غابات كثيفة من الصخور الدهرية وأشجار السنديان المعمّرة قد اختفت تماما ليحلّ مكانها تصحّر بشع كئيب..
ترى ماذا جرى في تلك المنطقة الجبليّة التي امتازت بطبيعتها الخلاّبة؟! لماذا أزيلت معالم البراءة والجمال من أماكن طبيعية ساحرة صمدت عبر الازمنة والعصور؟! أبهذه البساطة، بل بهذه الرعونة، تفتّت الصخور وتقطع الأشجار التي كانت مصدرا للفرح والتأمّل، فضلا عن كونها موضوعا لافتا لممارسة فنّ الرسم وفنّ التصوير؟!
صراحة، إزاء ما يجري من تعدّيات مختلفة في هذا الوطن، ليس ثمّة إنسان عاقل، يحبّ وطنه وأرضه حقّا، يتجرّأ على ارتكاب تلك الجرائم البيئيّة التي نادرا ما يطالها الحساب والعقاب، في بلد باتت الثروات الطبيعية فيه على وشك التصحّر والاندثار…

كلام الصورة

لقطة “رمزية”

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *