ظاهرة الحب في رواية

Views: 354

“ذاكرة الجسد” لـ أحلام مستغانمي

 أحلام مستغانمي
أحلام مستغانمي
 جيهان الفغالي

في 20 آب 1995، أي منذ عشر سنوات، أبدى نزار قبّاني رأيه في رواية “ذاكرة الجسد” للكاتبة الجزائريّة أحلام مستغانمي، قال: “روايتها دوّختني. وأنا نادرًا ما أدوخ أمام روايةٍ من الرّوايات. وسبب الدّوخة أنّ النّصّ الذي قرأتُه يُشبهني إلى درجة التّطابق”، وتابع:”الرّواية قصيدة مكتوبة على كلّ البحور.. بحر الحبّ، وبحر الجنس، وبحر الايديولوجية…”.

jihane-nizar
نزار قبّاني

ومن يحاول أن يتوغّل بين سطور الرواية، ويبحث عن هذه الظاهرة، يكشف حضورها الجليّ، ويتبيّن له كثرة الحقول المعجميّة التي لها علاقة بالحبّ:”قبلة-سرت قشعريرة في جسدي-الارتباك- العشق-الأشواق… كما العبارات التي تدلّ على الحبّ:

“جاء شلّال فرح، وشجرة ياسمين تساقطت أزهارها على وسادتي”.

“تمنّيتُ في سرّي، لو أمطرت لحظتها، لو تواطأت معي ورمتك إلى صدري عصفورة مبلّلة”.

“مصادفتك أجمل ما حلّ بي منذ عمر”.

“مرّ الزّمن، وصوتك ما زال يأتي كصدى نوافير المياه وقت السّحر، في ذاكرة القصور العربيّة المهجورة…”.

حاولت الكاتبة، على الرّغم من إعلانها عن الثورة الجزائريّة وما رافقها من مجد وظلم في آن، أن تحافظ على هذا التماسك العاطفي؛ فكلّما تحدّثت عن ماضي الحرب في الجزائر، وما مرّ به البطل خلال تلك الفترة، سارعت إلى احتضان هذا العشق كي لا يتوه في الرواية: “تلك المصادفة التي جعلت الممرّضة في تونس تعطيني… ثيابه التي وصل بها، والتي جفّ عليها دمه منذ عدّة أيّام/كنتُ قلقًا ومبعثرًا بين الأحاسيس التي استدرجني إليها سي مصطفى… وبين هاجس قدومك الذي أرهقني انتظاره منذ أيّام”.

وتوصّل في النهاية إلى الجنون: “وكان الحبّ الذي تجاهلني كثيرًا قبل ذلك اليوم.. قد قرّر أخيرًا أن يهبني أكثر قصصه جنونًا- لا منطق للعشق خارج الحماقات والجنون”.

"ذاكرة الجسد"
“ذاكرة الجسد”

وزمن الحبّ هو زمن فرح، مبني عل  الحدس، واللامنطق: “كان على الزمن أن يكون للفرح فقط- كان عندي إحساس ما أنّني سأراكِ مرّة أخرى- ينحدر بي إلى أبعد نقطة في اللامنطق.”

هو عشق، تمامًا كما نعشق وطنًا، فنعود إليه، “نعود بحقائب الحنين.. وحفنة أحلام فقط”.

الحبّ إذًا هو فضاء الرّواية، هو أبجديّتها المبعثرة كالجنون، هو قدرها المحتّم، قدرُ “ما قبل النظرة الأولى”. هو ذاكرتها الأبديّة: “لم أنجح في نسيانك أبدً”.

إنّ رواية “ذاكرة الجسد” هي ذاكرة للحبّ، ذاكرة لكلّ عاشق كتب له الدّهر أن يدخل في دائرة الحبّ المستحيل، تمامًا كبطلَي الرواية خالد وأحلام (حياة). وستتقلّص هذه الدائرة أكثر فأكثر ما دامت تتغذّى وترتوي من ذاكرة الأمل.

جيهان الفغالي
جيهان الفغالي
Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *