قراءات  أولى في سفر الحبّ الزغيبيّ (2)

Views: 388

د. جوزيف الجميّل

“شلقة ضو” .. عنوان حقلين معجميين يتنازعان ديوان الشاعر شربل زغيب: الضوء والشلقة او الانهيار نتيجة تصدّع  .فكيف ينهار الضوء؟وكيف تسقط قطعة منه؟ وما الضوء المقصود؟ اهو الضوء الماديّ التعيينيّ ام ضوء الحب والشعر والامل؟ أسئلة برسم البوح الزغيبي .

بداية، حاولت العودة إلى القصيدة التي تحمل عنوان الكتاب. “شلقة ضو”، قصيدة في الصفحات الأخيرة من الديوان،مهداة إلى زوجة الشاعر، في عيد ميلادها.يقول الشاعر:

عيدك ي شلقة ضو ع المعمور.  يا أرهف من الورد والمنتور

من بسمتك هل الفرح والنور. ومن سمعتك شو مستحي البخور

ومن طلتك عم يخجل الديجور

ذكر الشاعر مباشرة في هذه القصيدة أن شلقة الضو هي زوجته اندريه.إنها قطعة من ضوء لعله ضوء الشمس، أو القمر. ولكنه ضوء سماوي آت من عل يحمل الفرح والنور والعطور والبخور ويخجل الديجور.

اللافت في الوصف أن الشاعر يجمع بين الحواس في وصفه. فالنور /النظر أرهف من الورد والمنتور/النظر والشم. والرهافة قد تشمل اللمس أيضا. ثلاث حواس تجتمع في بيت واحد. يضاف إليها السمع في البيت الثاني: “ومن سمعتك”.

الزوجة  ضوء يراه بحواسه الأربع، فضلا عن الإحساس. تسيطر على حواس الشاعر وإحساسه، كما تؤثر في عناصر الطبيعة والكون، حتى غدت كخمرة أبي نؤاس مبعثا للسرور، ليس في ذات شاربها، بل في المعمور. خمرة عشق تبعث الفرح والنور وبخور القداسة وتزيل الديجور. الشاعر في محراب عشقه ناسك صوفي يستدعي إلهته العلوية، نوره السماوي، وتفيض في ذاته روائح الورد والبخور. إنه أفلاطون الجديد الذي ينكشف في ذاته عالما المثل والظلال، فيرى النور/الحقيقة عندما يرى زوجته، وينتهي عهد الظلال/الديجور. فالحبيبة أرهف من الورد تفوقه جمالا ورقة وطيب عطور. ولكن ما لم نفهمه لماذا يخجل الظلام عندما تطل؟ ولماذا يستحي البخور من سمعتها؟

ألعلها أكثر قداسة من البخور؟

ألعلها تكشف زيف الديجور وتظهر قناعه الواهي كخيوط العنكبوت؟

ألعل النور الذي يكشفه وجهها في ضمير الشاعر وأحاسيسه يجعله هو الذي يشعر بالحياء والخجل من زمن لم تكن هي فيه؟

أسئلة لا يجيب عنها الشاعر لأن حواسه كلها منبهرة ب”شلقة الضو” الآتية من عالم الإلهام الأثيري.

صديقي الشاعر، ضوء إلهامك جبل عال، وزوجتك قطعة منه، “شلقة انهارت على قلوبنا فأنارتها بنور الوفاء. ولكن جبل النور الحقيقي، في شعرك، هو المرأة ، بشكل عام. ولنا عودة إليه ، في قراءة مقبلة.

(يتبع)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *