“يقبرني”!

Views: 25

نبيل مملوك

حين لمحتُ السائحين العاشقين يحتلان بلاطة من بلاطات الحارة القديمة لتوثيق أجمل لحظة حب تجمعهما، ذهبتُ إلى ذاكرتي الى الإطار الذي يئن شوقًا لصورتك، الى الرجل العجوز الذي يدعى خيالاً وإلى عكازته الحالمة بأريج خطواتك، وصرتُ أتأنى الالتفات إليهما خوفًا من افساد ذاك الايقاع الذي ولده عناقهما كحرفين متشوقين لابتكار كلمة تجمع أول الحر وأول البرد.

كنتُ أبتعد عنهما وأقترب من انوثتك اكثر، كنت أشعر بمأساة الطفل الذي يبكيكِ، أقرأ بشغف اللوحة التي تضمنت ابهامك وهو يمسح دموعي. فعلا الأمكنة تجعلنا نتحسر، فعلا الحارة خسرتنا كابنين حقيقيين لامنياتها، فعلا الوطن اختنق بنشيدي فهلا تعودين دون أن تتكلمي معي كي تموت هذي الكدمات وتصبح تربتها جاهزة لقبلة منعشة؟!

هلا تعودين كي أقرأ عني وعنكِ كونك لا تقرأين وكوني لا أسهر في علب الليل أو في غرفة نومي؟! حتى الأولاد الذين تتقاذف أقدامهم كرة تشبه كلماتك الباردة خافوا أن يفسدوا هذه اللحظة ولم يقتربوا.

هذان السائحان اعتنقا اجمل لحظة في وجودهما، أعادا للاطار نوره واعتباره وصاروا صورته، لكن مأساتي انتهت حين أنهتْ ضِحكتها معَهُ بمصطلحٍ قُلْتِهِ لي وتجاهلْتُهُ.

مأساتي ماتت حين التفتُّ، وقالت السائحة المختبئة عينيها تحت سماء قبعتها المزركشة لحبيبها صاحب الكاميرا  “يقبرني”!

(conversionwise.com)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *