أصبحت التربية تحتاج إلى تربية

Views: 1027

 لطيفة الحاج قديح

بعض الظواهر الغريبة التي تحصل في مجتمعنا هذه الأيام تدل على مدى التهتّك والانحلال الأخلاقي الذي أصاب ويصيب الحصانة الثقافية والأخلاقية والنفسية وربما العقلية التي أصابت مجتمعنا إلى درجة تجعلنا نعتقد ان بعض الآباء والأمهات لا يستحقون اللقب الذي يحملونه…

ومما كشف ذلك التهتك هو زيارة الممثل التركي “بوراك أوزجفيت” (ونحن لسنا بالمطلق، ضده أو ضد التمثيل وهو فن راق) ولكن ذلك الطوفان البشري الذي أتى من كلّ حدب وصوب (البعض أتى من اقصى الشمال) لاستقباله. وما رافقه من تهافت واحتشاد، وتدافع وتلاطم وصراخ، وفوضى، كل يريد مصافحته، أو لمس جزء من ملابسه، أو أن يحظى معه بصورة سيلفي، وكأنه المهدي المنتظر… وهو ليس عالماً أو مخترعاً، ولا آية من آيات الله.. ولا قائداً فذاً.. إنه “ممثل وحسب”. “ممثل” محترف يظهر بمظهر يأسر القلوب والعقول، الضعيفة القلقة المضطربة التي تعاني من الفراغ وتبحث عن الأوهام ( وما أكثرها بين ظهرانينا). ممثل، يخطّ للشباب طريقاً مخادعاً موهوماً، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على أن مجتمعاتنا تعاني الضعف والهزال والتفتت وقلة الحياء، كما تعاني من انعدام المثل العليا، والأخلاق الحميدة، فالكل يهرب من الواقع إلى الوهم والخيال حتى صار الناس سكارى وما هم بسكارى.

ويا ليت هؤلاء الذين اندفعوا لهذا الهوس والجنون، بدلاً من مواجهة الواقع التعيس ومحاولة إصلاحه وترميمه، أو العمل على تغييره، ليت هؤلاء اندفعوا للتجمع أمام أبواب بيوت المسؤولين المنغمسين في الفساد والإفساد، واعترضوا على ما يحصل وعلى ما وصلت اليه حالة البلاد والعباد…

ولنا أن نتساءل: كيف لأمة  أن تتحسن أحوالها، إن كان مثلها الأعلى بائع أوهام…!

لا شكّ أن علينا كأهل ان نراجع انفسنا عن المثل العليا التي نعطيها لاولادنا، فعندما تجلس الأم لمتابعة المسلسل التركي المدبلج وتفضله على أي عمل آخر وبعدئذ تستفيق على وضع أنه اصبح لدى الأبناء أفكارا سخيفة، والايمان بأمور ومعتقدات  لا تمت غلى مجتمعنا بصلة. فعندها ترمي هذه الأم اللوم على الآخرين وربما على الدولة وعلى المجتمع..

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *