سمير الخليل لـ Aleph-Lam: المبدع يشعل النار والناقد يحترق بها

Views: 1657

أمل ناصر

النقد اهتمامه الأول فابدع فيه، سواء في الرواية أوالشعر أوالقصة القصيرة، وله أربعة كتب في مجال النقد الثقافي والدراسات الثقافية، والشعر هوايته وله إبداعات فيه… فرسم مسيرة جعلت من النقد مدرسة تغوص في عمق النتاجات الثقافية والفكرية، وتضيء منارة للأجيال الجديدة وتهديهم على سبل النقد الصحيح والكتابة القائمة على معايير علمية تمزج بين الموهبة والدهشة والصناعة، فتكون نبراسًا جماليًا وتحدّ من الفوضى التي تسيطر على عالم الكتابة…

الدكتور سمير الخليل، أستاذ النقد الأدبي والدراسات الثقافية في كلية الآداب -الجامعة المستنصرية، وعميد كلية الحكمة الجامعة، ورئيس رابطة النقاد في الاتحاد العام للادباء العراقيين، نرحب بك في هذا للقاء الأدبي الإبداعي والنقدي، كي تتحدث معنا عن هموم الأدب والشعر والنقد وجماليات الإبداع، وأين تقف الآن في دراساتك النقدية؟

 شكرًا لكم على هذا اللقاء الإبداعي الجميل مع شاعرة وأديبة وإعلامية ناشطة أملنا التي تكتشف كل جديد وتتنوع اهتماماتها الإبداعية ..

النقد هو اهتمامي الأول لأنه زراعة الضوء في الأماكن المظلمة التي لا شكل لها، فالمبدع يشعل النار والناقد يحترق بها ليضيء للنص مجالات رحبة تمتد إلى أجيال المستقبل، فما عاد النقد مجرد تسلية أو بيان المحاسن والمساوئ، كما يحفظه البعض، إنما صار علمًا له مناهجه وآليات عمل خاصة بكل منهج، وصار الناقد ذا معرفة لسانية دقيقة لأن مجمل المناهج انبثقت من لسانيات النص، وعلى الناقد أن يتقنها، فما عاد النقد انطباعيًا تأثريا ابن لحظته، هو تحليل وسبر أغوار النص وتهيئة المتلقي لفهم النص أولا، ومن ثم تذوقه، وربما من حق المتلقي الحكم عليه، يعنى صار الحكم للمتلقي وليس للناقد، وهنا تكمن أهم نقطة في النقد الجديد، صار المتلقي طرفًا في النقد وليس مستهلكا فقط..

د. سمير الخليل

 

كيف توزع اهتمامك في النقد؟

ينصب اهتمامي في النقد على الرواية والشعر والقصة القصيرة، لكن الرواية أخذت مني مأخذًا لانها ثيمة العصر المهيمنة في الساحة الأدبية والحياتية، فهي الإبداع والثقافة والتجربة الحياتية المؤثرة، صارت الرواية الجنس الأدبي الأكثر هيمنة وقبولًا وقراءة، حسب متابعتي، ولقد تأخر الإبداع الشعري قليلا عنها لأسباب موضوعية وتاريخية..

كيف تُجْمل العلاقة المثلى، الفضلى، ما بين: الروائي ذاتًا حياتية ثيميّة والرواية موضوعًا أدبيا جماليًا؟. وماذا ترى في مقولة موت المؤلف؟؟

موت المؤلف قضية مجازية فهو من يلد النص والمتلقي يكتب شهادة ميلاده لأنها مخلوقة، من: سرد – وصف/ هنا، فإنه خالق، لها، ولذلك: إنّ من جزْء الحق له، بكينونته سياقيّا خارجيًا، أن يبدو في ممارسته الحياتية ثيميّاً – لكنّ من كُلّ الواجب عليه، لصيرورته نصّيا داخليًا، أن يغدو في كتابته الأدبية جماليّاً. هكذا يُفهَم الآن إذاً، ضروريّا، ما قُصد بالمسافة الفاصلة بين أيّ روائي وروايته: إذا لم يُقطع الحبل السري بينهما – كما أُمّ وجنينها – لن نجد عملا أدبيًا وإنما وثيقة شخصية. لو مُحّص هذا القصد، بعناية، لاكْتُشف أنه تدويم تجديدي للقول بأن على الروائي في الرواية: أن يكون أثره كالإله في الكون غيْرَ مرئي وقديراً على كل شيء بحيث أننا نشعر بوجوده في كل مكان ولكننا لا نراه.

عناصر الإبداع

ما رأيك في الإبداع الشعري المعاصر؟

سيدتي، الشعرية وليست الشعر هي ما يهمنا في أي نص، فقد تجد تلك الشعرية في اللوحة والشعر المحكي وقصيدة النثر وأي نص أدبي، لكن الشعر نور على نور، فهو شعر يحتوي الشعرية ويضمها بحنو، لكن لابد من توفر بعض العناصر التي تجعل منه نصًا جماليًا يهز المتلقي ويتفاعل معه.

ثلاثة عناصر راكزة مهمة ينتصب عليها النص الشعري وكل نص أدبي وهي ما تجعل النص أدبيًا:

1- التكثيف

2- المفارقة

3ـ الدهشة

في حال سقوط أحدها يفقد النص هويته.

فالتكثيف/ يمنح النص الهوية.

والمفارقة/ تعصمه من ( المباشرة ـ التقريرية)

والدهشة/ تقلده التاج.

مثال: لو أتينا بالتكثيف والخاتمة المدهشة ولم نأت بالمفارقة، هذا يعني أننا لم نحقق الهدف، واصطادتنا شباك ـ التقريرية.

لا قيمة لنص لا مفارقة فيه.

وهذا لا يعني ترك بقية العناصر.

لم تحدثنا عن الزمان والمكان وأثرهما في النص الأدبي؟

الزمن طواف في الذاكرة

المكان طواف في الجغرافيا

لهذا :

لا يستطيع الزمن

ان يحتفظ َ بالأثر مثلما المكان .

اثر الزمن يتراكم ولا يشيخ

لكنَّ اثر المكان يشيخ بفعل الزمن ….

هذا الاختصار يمكن فتحه بصفحات فهناك زمن ومكان في السرد وفِي الشعر،  ولكل منهما تصنيفاته وآلياته لامجال لذكرها.

بين الشعر والنقد

هل تكتب الشعر وأنت ناقد له؟

الشعر هو الذي يكتبني ولَم اكتبه يومًا، ولهذا أشعر إني شاعر هاو ولست محترفًا، مع وجود قصائد كثيرة ونصوص شعرية يقولون عنها جميلة وومضات شعرية باهرة، لكني لم أدّع أني شاعر بالمعنى الاحترافي، أذكر لك مقطعين فقط..: “بيتي ركام من تراب وبيوت من حولي ذهب .. لكنما من داخل التراب يستخرج الذهب..” وهناك ومضة شعرية أخرى: “كم حملت عصاي لأحمي خراف سواي.. ولأني على مال غيري اخاف.. حينما جاءني الذئب مافرق بيني وبين الخراف…”

لدي مقطع آخر: “أنت ارتجاف حائر ويدي على جرح قديم.. أنت انقلاب قادم في صفحة العمر الدميم.. هذا انا حلم خرافي سليل الأمنيات الحول والسفه الحكيم.. ارجوك ضمني مع الأسحار والأزهار والاطيار كي تسقط الأورام من رئتي وأولد من رميمي.. مازال بالإمكان خلق الفرصة الاخرى اجل.. مازال بي شيء من الفردوس يورق في الجحيم…”

ثمة سؤال يلح علي هو  لماذا اتجهت إلى النقد الثقافي واهتممت به اهتمامًا خاصًا من دون النقاد العراقيين؟؟

 النقد الثقافي حقل مابعد حداثي شاع في الغرب ووصل إلينا بفضل الناقد السعودي عبد الغذامي الذي يشرف الدكتوراه بإبداعه ولا يصف نفسه بها، تلك عظمته .. أصدر كتابه في سنة 2000 ميلادية ومن معطفه خرجنا جميعًا، أصدرت أربعة كتب في مجال النقد الثقافي والدراسات الثقافية هي حسب التسلسل: “النقد الثقافي من النص الأدبي إلى الخطاب”، وهو أول كتاب لعراقي يصدر داخل العراق، ثم كتابي: “فضاءات النقد الثقافي من النص إلى الخطاب”.. بعده الكتاب الأهم والأكثر انتشارًا وهو: “دليل مصطلحات النقد الثقافي والدراسات الثقافية” الذي تناولت فيه كل المصطلحات الخاصة في الحقلين .. ثم أصدرت كتابًا بالاشتراك مع ناقدة جزائرية  عنوانه: “دراسات ثقافية، الجسد الأنثوي، الآخر، السرد الثقافي”..

أود أن اذكر أن النقد الثقافي تناول قضايا ليست من اهتمام النقد الأدبي، فهو غير معني بالصور الشعرية والبناء الفني والتراكيب والدلالات اللغوية وجماليات النص ونخبويته، إنما يهتم بالأنساق الثقافية المتحكمة بالنص، من غير علم المؤلف، ويهتم بالمهمشين والنصوص المقصية وماوراء النص من قضايا شعبوية جماهيرية، ويهتم بالخطابات بأنواعها، أدبية وغير أدبية، فنية وغير فنية، مثل الإعلانات او الاشهار وماوراءه، ويهتم بالمسجات والكتابة على الجدران والخطابات غير اللغوية، مثل ثقافة الصورة ودور ثورة الاتصالات في تغيير المفاهيم لدى المتلقي ..

 بقي ان نسأل ناقدنا، مارأيك بكثرة المهرجانات التي تقام الآن، ولاسيما في العراق، وهل تطور الإبداع والثقافة وما جدواها؟

شكرا للسيدة امل ناصر على هذا السؤال الذي فتح جرحًا  في روحي، وأنا أرى الأموال تهدر على مهرجانات بواجهات إعلامية تنتهي بانتهاء الافتتاح وتختم بشهادات تقديرية لكل من هب ودب …

تحياتي لك سيدتي الأديبة والإعلامية القديرة امل ناصر كما اشكر اهتمامك وصبرك واتساع قلبك شكري لكل العاملين معك وتمنياتي للجميع بالموفقية..

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *