الأخطل الصغير… شاعر الهوى والشباب

Views: 1747

وفيق غريزي

بشارة الخوري (الاخطل الصغير)، شاعر حلّق في دنيا الشعر، ومثل بين شعراء عصره الطليعة الوجدانية والاجتماعية. واعتبره البعض شاعرا في طليعة شعراء عصر النهضة وابرز روادها الذين وضعوا اسسها، وارسوا بنيانها، ورفعوا مداميكها. والاخطل الصغير  هو واحد من ابرز الكتاب الذين اعادوا للكلمة العربية نقاءها وصفاءها، وردوا اليها منزلتها ومكانتها، بعدما مرت عليها عهود طويلة مظلمة من ليالي الانتداب والاستعمار الشديدة السواد.

 البيئة واللقب

الشاعرية فطرية لدى الانسان، والاخطل الصغير مفطور على الشعر، فهل كان للبيئة التي نشأ فيها تاثير على شاعريته؟ المدقق الباحث يدرك ان الموهبة كانت الاساس، ولكن المطر الثقافي والمطر الاجتماعي غذيا هذا الينبوع الذي لا ينضب. ولقد اعتبر ادونيس ونزار قباني وانسي الحاج وغيرهم: ان الاخطل الصغير هو الجسر الذهبي الذي مروا عليه كي يأمنوا حاضرهم. في احد الأيام، زار مصطفى أمين (شقيق علي وشريكه في جريدة “اخبار اليوم”  المصرية) الاخطل الصغير في منزله الكائن انذاك في منطقة الدورة، بغية اجراء مقابلة معه، وعندما رأى المناظر الطبيعية الخلابة، قال مصطفى أمين:  “الآن عرفنا من اين تستوحي قصايدك”.

وسارع الأخطل إلى الردّ عليه، موضحًا: “مصطفى، صحيح هذه المناظر جميلة، انما اجمل قصايدي نظمتها اثناء النوم، او وانا واقف على شرفة مكتبي في ساحة الشهداء في بيروت.

“الاخطل الصغير”

يذكر أن الشاعر الخوري هو الذي اختار لقب”الاخطل الصغير” بنفسه، لانه رأى نفسه شبيه “الاخطل الكبير”،  إن لجهة الموقف وإن لجهة الديانة. فكما كان الاخطل الكبير مقربا من الخليفة الاموي، كان الاخطل الصغير عربيا مقربا من القادة العرب..

الهوى والشباب

ورغم ان الأخطل الصغير، الذي حلّق في معظم الفنون الشعرية الاجتماعية والوطنية التي خاض عبابها، فانه مدين بشهرته الى الغزل، حيث كانت معظم غزلياته (التي تصل إلى نحو 79 قصيدة) تتسم بعاطفة فياضة، وخيال رقيق، واحساس مرهف، حتى لقب بـ “شاعر الهوى والشباب”.

 يقول الشاعر صالح جودت في قصيدته التي القاها في حفلة تكريم الاخطل، واصفا مكانته الشعرية، خصوصا في عالمي الغزل والخمرة، بانه هو والغرام والكاس توائم.   غزل شاعرنا الاخطل مستقى من ثقافتين: ثقافة عربية استمدها من مصادر الكتب العربية القديمة، التي تحكي عن الهوى والحب والغرام. والثانية استمدها من مصادر الكتب الغربية، وخاصة الفرنسية التي اتيح له الاطلاع عليها، حيث اثرت افكارها واساليبها في غزلياته، فاتسمت بطابعها ونسجت على منوالها.  

المرأة عند الاخطل الصغير، جسد بض، وخد املس اسيل، وشعر متماوج طويل كأنه شلال، وانف اقنى  جميل، وعينان نجلاوان، وثغر ندي بشهد الرضاب، وخصر نحيل، وقد ممشوق، ونهدان عامران. فالجمال لديه جمال حسي يرى بالعين، ويلمس باليد، ويذاق باللسان ويشم بالانف. 

ولكن لم يقف عند الجمال الحسي للمراة فحسب، بل دعا المرأة الى ارتداء ثوب العفة والطهر والعفاف والنقاء، والوفاء لمن  تحب.  

يبقى أنّ لكل شاعر هوية شعرية يتميز بها، لكن الاخطل الصغير برع في جميع انواع الشعر، وإن كانت لديه ميزة هي “شاعر الغزل”، رغم ان اكثرية شعره ثورة ووطنيات، واجتماعيات.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *